البحث الواحد والعشرون
حول طبقات الرّواة
إعلم : أنّك إذا نظرت إلى الشّيوخ الّذين كانت لهم عناية بالأحاديث المرويّة عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ومن بعده من الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، واشغلوا برهة من أعمارهم بطلبها وأخذها عمّن تقدّمهم من أساتذهم ، وبرهة أخرى منها بروايتها لتلامذتهم الّذين لم يدركوا هؤلآء الأساتذة ورتبتهم على وجه يتميّز الشّيوخ في كلّ عصر عن التلامذة ، وجدت طبقاتهم من عصر الصّحابة الّذين رووا الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى عصر الشّيخ الموفق أبي جعفر الطوسي قدسسره الّذي هو آخر مصنفي الجوامع الأربعة من أصحابنا. وقد ولد سنة ٣٨٥ وتوفي سنة ٤٦٠ ه فيما إذا كان جميعهم قد عمّر عمرا متعارفا ، وتحمل الحديث في سن يتعارف تحمله فيه اثنتى عشرة طبقة.
وبعبارة أخرى : إذا روي الشّيخ قدسسره أو الخطيب البغدادي المتوفي سنة ٤٦٣ ه من الجمهور حديثا مسندا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفرضنا أنّ الرّواة المتوسّطين بينهما وبينه صلىاللهعليهوآله كلّهم قد عمّروا العمر المتعارف ، وأخذوا الحديث في السن المتعارف أخذه فيه ، كان سندها مشتملا على اثنى عشر رجلا غالبا ، أو دائما وأمّا إذا كان بعضهم طال عمره ، بحيث عاصر رجلين ممّن عمّر متعارفا ، أو تحمل الحديث قبل أوانه المتعارف ، فأخذ عن طبقتين أو انضمّ الأمران ، صار رجال السند أقلّ ، وكان عاليا في اصطلاحهم ، وكلّما كان أمثال هؤلآء في السند أكثر كانت الوسائط أقلّ والسّند أعلى ، كمّا أنّه إذا كان في السند من روي عن معاصره ومن هو في طبقته كان رجال السند أكثر ممّا ذكر