البحث الثّلاثون
هل يعتبر ذكر السبب في التّوثيق والجرح وحكم تعارضهما؟
فيه فوائد :
الاولى : نقل الشّهيد الثّاني في درايته (١) عن المذهب المشهور أنّ التّعديل مقبول من غير ذكر سببه ؛ لأنّ أسبابها كثيرة يصعب ذكرها ، وأمّا الجرح ، فلا يقبل إلّا مفسرّا مبيّن السبب لاختلاف الناس فيما يوجبه.
ثمّ أورد عليه بأنّ ذلك آت في باب التّعديل ؛ لأنّ الجرح كما تخلف أسبابه كذلك التّعديل يتبعه في ذلك ...
نعم ، لو علم اتّفاق مذهب الجارح والمعتبر بالكسر أي : المنقول إليه ـ في الأسباب ـ اجتهادا أو تقليدا ـ اتّجه الاكتفاء بالإطلاق ، وهذا التفصيل هو الأقوى فيهما.
وأيضا مرجع الجرح في الرجال في الغالب المعظم إلى الكذب ، وليس له أسباب ، وفي القليل سوء الحافظة وتخليط الأسناد والمتون والإدراج ونحوها. وإنّما العدالة هي الّتي اختلفت الآراء فيها ، فالجرح الكذبي يقبل مطلقا ، وأمّا التّعديل والجرح الفسقي فلا يقبلان إلّا بالمعنى المراد للناقل ، فلا بدّ من معرفة مذهبه في العدالة والفسق ، ثمّ ترتيب الأثر عليه بنظر المنقول إليه.
وما في الجواهر : لما هو المعلوم من طريقة الشّرع من حمل عبارة الشّاهد على الواقع وأنّ اختلف الاجتهاد في تشخيصه ، غير ثابت عندنا.
فإنّ قيل : على المشهور من اعتبار بيان السبب في الجرح يستلزم سدّ باب الجرح في هذا
__________________
(١) الدراية : ٧٠.