البحث الثّاني والثلاثون
في تقسيم الإخبار
ذهب جمع من علمائنا إلى عدم حجيّة خبر الواحد ، واقتصروا في العمل على المتواتر أو المحفوف بالقرينة القطعيّة ، وهذا القول في أمثال زماننا يستلزم إبطال معظم الفقه والخروج عن زيّ المتديّنين ، بل ربّما عن دائرة المسلمين ، أو جعل قائله قطاعا يدّعي القطع حتّى في المشكوكات والموهومات ، وهذا ممّا لا ينكره المطلع على طريقة الاجتهاد وشريعة الاستنباط.
وذهب الجمهور إلى اعتبار خبر الواحد في الجملة وهو الحقّ لبناء العقلاء وتواتر الإخبار تواترا معنويا أو اجماليّا. (١)
ولا أقلّ من إيراثها اطمئنان الباحث بحجيّة خبر الواحد في الجملة ، وهذا هو المعتمد.
ثمّ إنّ القدماء ـ على ما يأتي ـ يطلقون الصحيح على كلّ حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه.
لكن تلك الأمارات المعتمد عليها مع متانة بعضها أصبحت في الأعصار المتأخّرة مفقودة أو غير كافية (٢) ؛ ولذا قسم المتأخّرون بدورهم الإخبار إلى أقسام : أربعة أو خمسة.
ويقال : إنّ الأوّل فيه : العلّامة الحلّي ، أو شيخه ابن طاووس.
__________________
(١) لاحظ : الرّوايات في قضاء الوسائل للمحدّث العاملي قدسسره ومقدّمة جامع الأحاديث للسيّد البروجردي قدسسره.
ولاحظ : مناقشة الشّهيد السيّد باقر الصدر قدسسره ، في تواتر هذه الأحاديث في كتبه.
(٢) يأتي تفصيل الموضوع في البحث الآتي.