البحث الرابع والأربعون
كيفيّة طرق الشّيخ إلى الكتب والاصول والروايات
قال الشّيخ الطوسي قدّس سره في أوّل فهرسته : أما بعد فإنّي لما رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا فهرست كتب أصحابنا ، وما صنّفوه من التصانيف ، ورووه من الاصول (١) ولم أجد أحدا استوفي ذلك ، ولا ذكر أكثره ، بل كلّ منهم كان غرضه أن يذكر ما اختصّ بروايته ، وأحاطت به خزانته من الكتب (٢) ، ولم يتعرّض أحد منهم لاستيفاء جميعه ، إلّا ما قصده أبو الحسن أحمد بن الحسين بن عبيد الله رحمهالله ، فإنّه عمل كتابين أحدهما ذكر فيه المصنّفات ، والآخر ذكر فيه الاصول واستوفاهما على مبلغ ما وجده ، وقدر عليه غير ، أنّ هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا ، واخترم هو رحمهالله وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكي بعضهم عنه. (٣)
ولما تكرّر من الشّيخ الفاضل ـ أدام الله تأييده ـ الرغبة فيما يجري هذا المجرى ... عمدت إلى كتاب يشتمل على ذكر المصنّفات والاصول ... فإذا سهّل الله إتمام هذا الكتاب ، فإنّه
__________________
(١) نسبة الرّواية إلى الاصول ونسبة التصنيف إلى غيرها تشعر أو ربّما تدلّ على أنّ المراد بالاصول ما اشتمل على مجرّد الأحاديث والروايات.
(٢) الجملة تدلّ على أنّ الفهرست يكفيها ثبوت الكتاب عند المفهرس ، سواء بالأسانيد المعنعنة ، أو بوجوده الخارجي ولو بالظّن بصحّة نسبته إلى مؤلّفه ، وعلى كلّ لاوجه للاعتقاد بوجود تلك الكتب المشار إليها عند الشّيخ الطّوسي مصدرا لتأليف فهرسته كما زعمه بعضهم.
(٣) الحاكي للشيخ مثل بعض الورثة مجهولان ، فلا دليل للجزم بتلف الكتابين المذكورين ، كما أنّ ما نقله العلّامة عنهما في الخلاصة ، لا نعتمد عليه لعدم ذكر سنده إليهما ، فهما مجهولان نسبة لا مجعولان ؛ بناء على شمول كلام الحاكي عدم نسخها وعدم اختصاصه بالجملة الاخيرة (وعمد ...).