تطبيق تحقيقي
ولهذا البحث ثمرة مهمّة بالغة الخطورة ، وهي أنّه لا يمكن تصحيح طريق الشّيخ رضياللهعنه إلى أحد في مشيخة التهذيب إذا كان غير معتبر بطريقة المعتبر إليه في الفهرست.
وجه عدم الإمكان واضح فإنّ معنى صحّة طريقة إليه في الفهرست على ما عرفت ، أن الكتاب الفلاني صاحبه زيد مثلا ، وإن لم يره الشّيخ أصلا أو رءاه بوجدانه من الأسواق والأشخاص. وهذا لا يستلزم صحّة كلّ رواية رواية من روايات هذا الكتاب ، فإنّه لم يصل إلى الشّيخ مناولة ، فضلا عن قراءتها أو سماعها من الشّيوخ ، بل مجرّد الإخبار (أخبرنا) لا يدلّ على مجرّد الإجازة كما عرفت ، فروايات هذه الكتب لم تصل إلى الشّيخ في ضمن نسخة بسند معتبر ، وإن وصل أسامي الكتب إليه بأسانيد معتبرة وبين الأمرين بون بعيد ، وتفاوت شديد.
وسيأتي في البحث الآتي في شرح مشيخة التهذيب أنّ سند الشّيخ فيها إلى أحمد بن محمّد ، وإلى أحمد بن محمّد بن عيسى ، وإلى الحسين بن سعيد غير معتبر ، ولكنا بنيّنا على صحّة روايات هؤلآء في التهذيب في الزمن السّابق باعتبار صحّة طريق الشّيخ إلى حفيد عيسى ، وإلى الحسين بن سعيد في الفهرست غافلا عن كيفية أسانيد الشّيخ في الفهرست. ومع التوجه إليها لاوجه لتصحيح رواياتهما الكثيرة في التهذيب ، ولو بني أحد على ضعفها لوقع تغيير مهم في الفقه ، لا سيّما أنّ الكلام لا يقتصر على الحسين بن سعيد ، وحفيد عيسى ، بل يتعدي إلى غيرهما أيضا.
وهذا أحد الموانع من طبع كتابي ـ معجم الأحاديث المعتبرة ، في ستّة أجزاء ـ بعد ترتيب حروفه بالكامبيوتر وتحمل مؤونته الماليّة وإتعاب النفس في تصحيح أوراقه في الباكستان ، فإنّي أوردت فيه أحاديث الحسين ، وأحمد بن محمّد وغيرهما من التهذيب ، وهي كثيرة اعتمادا على طرق الفهرست المعتبرة ، وإنّما التفت إلى نقص هذا المنهج بعد تكميل الكتاب في أربع سنوات في أثناء الطبعة الثالثة لكتابي هذا.
وقد عرضت الإشكال بغاية حله على جماعة من علماء الحوزة العلميّة بقمّ المشرفّة شفاها وكتبا ، فذكروا أجوبة غير لائقة بالنقل والرّد ، حتّى أنّ من تقبّل الإشكال تقبّله تحيرا لا تبصّرا ، فكانوا كغيرهم ممّن وقفت على كلامهم في الكتب الرجاليّة غافلين عنه بالمرّة. وما أوتينا من العلم إلّا قليلا. (١)
__________________
(١) ولكن صحّحنا جملة من طرق الشيخ في المشيخة حين إعداد طبع البحوث لهذه الطبعة ، وهي الطبعة الخامسة ، كما يأتي في شرح المشيخة إن شاء الله تعالى.