إحداث منهج جديد
قال الشّيخ الفاضل الأردبيلي رحمهالله مؤلّف جامع الرّواة في رسالته الّتي سمّاها بتصحيح الأسانيد ، وذكر مختصرها في جامعه :
|
ألقي في روعي أن أنظر في أسانيد التهذيب والاستبصار لعلّ الله تعالى يفتح إلى ذلك بابا ، فلمّا رجعت إليهما فتح الله لي أبوابهما .... |
أقول : فزاد على مشيخة التهذيب والاستبصار جميع من ذكر الشّيخ في الفهرست أنّ له كتابا أو أصلا ، وذكر لنفسه إليه طريقا ، بل وأضاف إلى ذلك أيضا كلّ من استنبط من أسانيد روايات التهذيبين أن للشيخ إلى كتابه طريقا ؛ ولذلك أنهي عدد من للشيخ إلى كتابه أو أصله طريق إلى (٨٥٦) شخصا ، كما يظهر من خاتمة المستدرك (١). وقيل : إنّ عدد المعتبر منها ـ بزعمه ـ يقرب من خمسائة طريق.
وقال السّيد البروجردي رحمهالله في مقدّمة له على جامع الرّواة في توضيح ما استنبطه مؤلّف جامع الرّواة :
مثلا روي الشّيخ رحمهالله في التهذيب عن علي بن الحسن الطاطري قريبا من ثلاثين حديثا ، بدأ بذكره في أسانيدها وطريقه إليه في المشيخة مجهول ، ومقتضاه عدم اعتبار تلك الرّوايات.
وروى في كتاب الحجّ أربع روايات سندها هكذا : موسى بن القاسم عن علي بن الحسن الطاطري ، عن درست بن أبي منصور ومحمّد بن أبي حمزة ، عن ابن مسكان ... الخ ، وموسى بن القاسم ثقة ، وطريق الشّيخ إلى كتابه في الحجّ صحيح ، فلمّا رأى المصنّف هذه الرّوايات الأربع ، قال في مختصر الرسالة : وإلى علي ابن الحسن الطاطري فيه علي بن محمّد بن الزبير في المشيخة والفهرست ، وإلى الطاطري صحيح في التّهذيب في باب ... فزعم قدّس سره أنّ هذه
__________________
(١) رسالة توضيح الأسانيد غير موجودة ، ولعلّها لم تصل إلى غيري أيضا ، وقد نقل مختصرها المامقاني في آخر تنقيح المقال والمحدث النوري رحمهالله في خاتمة مستدركه : ٦ ، الطبعة الحديثة والصفحة ٧١٩ الطبعة القديمة وأتعب نفسه كالأردبيلي رحمهالله في تكميل الطرق وتصحيحها بزعمه ، وستعرف في المتن إنّ هذا العمل الشّاق المتعب لا ثمرة له.
وعهدة هذا ـ في الجملة على الشّيخ رحمهالله ومشيخته وحذفه أوائل أسناد أحاديث التهذيبين ، والنقل عن الضعفاء مع عدم حجيّة خبر غير الثّقة عنده وعلمه بأنّ كتابه ليس لنفسه حتّى يفيده إطمئنانه الشّخصي بصحّة الرّوايات ، وبأنّ كتابه للأجيال القادمة ، فهو لم يكن رجاليا فقط ولا محدثا فقط ، بل كان مجتهدا بتمام معنى الكلمة ، ومع ذلك قصر في المقام رحمهالله رحمة واسعة.