وبيوتنا منها ملأ؟ فقال : أقول فيها ما قال أبو محمّد الحسن بن علي ، وقد سئل عن كتب بني فضّال فقالوا : كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا ملأ؟ فقال عليهالسلام : «خذوا منها بما رووا وذروا ما رأو».
وهذا يدلّ على وجوب العمل بكتبه.
قلت : أوّلا : ليس هذا يدلّ على حجيّة قول من يروي عن بني فضّال ، بل على الغاء المانع عن قبول أحاديث بني فضّال أنفسهم فقط ، كما لا يخفى.
ألا ترى أنّ قول الإمام واجب العمل ، وليس معناه قبول قول الرّواة عنه بلا إثبات وثاقتهم ، وإنّي لأتعجّب من جمع من العلماء المحققّين كالشّيخ الأنصاري قدّس سره كيف استفادوا من الرّواية اعتبار الرّوايات الواردة من بني فضّال ، وإن كان في إسنادها ضعفاء ، أو مجاهيل؟
وثانيا : لم يثبت عندي حال المحمّدي ولا حال ابن همام ولا حال الخادم ، فليس السند بمعتبر ، فلا تكون الرّواية قابلة للاستدلال بها.
ثمّ إنّ سيّدنا الأستاذ الخوئي رحمهالله كان يذهب أيضا إلى ضعف الطريق المذكور ويحكم بعدم حجيّة روايات الشّيخ عن علي بن الحسن بن فضّال ، وقد صرّح في رجاله ـ معجم رجال الحديث ـ في ترجمة علي بن الحسن المذكور بضعف طريق الشّيخ (١) ، لكن رجع عنه أخيرا (٢) ، وبنى على صحّة الرّوايات المذكورة ؛ وذلك لا لأجل وثاقة علي بن محمّد الزبير وإن كان ابن عبدون عنده ثقة ؛ لكونه من مشايخ النجّاشي ، بل لأجل اعتبار طريق النجّاشي إليه (٣) فيستكشف منه اعتبار طريق الشّيخ إليه أيضا.
وبيان هذا المطلب قد ذكره في مقدّمة كتابه (٤) : بل لو فرضنا أنّ طريق الشّيخ إلى كتاب ضعيف في المشيخة والفهرست ، ولكن طريق النجّاشي إلى ذلك الكتاب صحيح ، وشيخهما واحد ، حكم بصحّة رواية الشّيخ عن ذلك الكتاب أيضا ؛ إذ لا يحتمل أن يكون ما أخبره شخص واحد كالحسين بن عبيد الله بن الغضائري ، مثلا ، للنجّاشي مغايرا لما أخبر به الشّيخ ... ويستكشف من تغاير الطريق أنّ الكتاب الواحد روي بطريقين ، قد ذكر الشّيخ أحدهما ، وذكر النجّاشي الآخر ، انتهى كلامه.
__________________
(١) معجم رجال الحديث : ١١ / ٣٥٨.
(٢) كما أخبرني شفاها في بعض أسفاري من أفغانستان إلى النجف الأشرف.
(٣) رجال النجاشي : ١٩٦.
(٤) معجم رجال الحديث : ١ / ٩٥ وص ٧٨ ، الطبعة الخامسة منه.