٩. كثرة التّرحم على أحد من الإمام أو من العلماء الأخيار تكشف عادة عن جلالة المرحوم وعظمه في عين المكثر ، فيثبت بها وثاقته أو صدقه ، خلافا للسيّد الأستاذ الخوئي رحمهالله. وسنعود إلى هذا المورد مرّة أخرى ، إن شاء الله.
١٠. تصحيح الأسناد على وجه مرّ في الفصل الأوّل.
الفصل الثالث : في الأمارات المفيدة
الاولى : نصّ الإمام عليهالسلام على وثاقة أحد أو صدقه إذا ثبت بدليل معتبر ، وإلّا فهو غير قابل للتصديق ؛ لأنّه غير مفيد للظنّ ، وعلى تقديره فهو محرّم العمل بالأدلّة الأربعة ؛ إذ لا يوجد دليل على إخراج الظنون الرجاليّة منها ، ولم يدعه فيما أعلم سوى بعضهم ، ولا يمكنه إثباته بدليل.
وهناك أحاديث كثيرة تدلّ على وثاقة بعض الرّواة وصلاحهم ، ولا بأس بأسانيدها فنأخذ بها ، ونحكم باعتبار أحاديث تلك الرّواة ، مثل : ليث البختري ، ومعلّي بن خنيس وغيرهما. (١)
لكن وثاقة رواة هذه الرّوايات المادحة أو حسنهم لم تثبت بطريق متواتر أو مشاهدة أو بقرينة قطعيّة أو بنصّ معصوم ، بل ثبتت بتوثيق الرجاليّين وتحسينهم ، فهذه الأمارة تتوقّف فائدتها على الأمارة التاليّة ، وهي :
الثانية : توثيق الكشّي والنجّاشي ، والشّيخ الطّوسي وأمثالهم من أرباب الجرح والتّوثيق ، فإنّهم ثقات عارفون بحال الرّواة ، فأخبارهم بها ليس مستندا إلى مقدّمات حدسيّة بعيدة ، بل منقول عمّن سبقهم متّصلا ، ومتسلسلا إلى معاصرى الرّواة المقول فيهم الوثاقة أو الضعف ، كما يشهد له الشّواهد ، ولا أقلّ من احتمال ذلك ودوران أمر أقوالهم بين الحسّ والحدس البعيد ، فتحمل على الأوّل كما هو المعمول عند العقلاء ، فافهم جيّدا.
والعمدة من بين هؤلآء الأعلام هو النجّاشي والشّيخ الطّوسي ، وهما قطبا هذا العلم وعليهما يدور رحى الجرح والتّعديل ، وامتياز الكشّي عنهما نقله التّوثيقات مسندة.
هذا ، ولكن في حجيّة أقوالهما وأقوال أمثالهما كلام طويل الذيل صعب مستصعب ، سنذكره في البحث الرابع.
وفي الحقيقة إنّ هذا البحث هو بحث رئيسي تتوقّف عليه صحّة علم الرجال وبطلانه ، ولا أقلّ من كونه هو الأساس لكون علم الرّجال كثير الفائدة أو قليلها.
__________________
(١) وإذا تعارض نصّ رجاليّ مع حديث في حقّ أحد الرّواة ، ففيه بحث يأتي بيانه في البحث (١٧).