البحث الرابع
في اعتبار التّوثيقات الموجودة
إنّ أرباب الجرح والتعديل كالشّيخ والنجّاشي وغيرهما ، لم يعاصروا أصحاب النّبي صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام ، ومن بعدهم من أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، حتّى تكون أقوالهم في حقّهم صادرة عن حسّ مباشر ، وهذا ضروري ، وعليه فإمّا أن تكون توثيقاتهم وتضعيفاتهم مبنية على أمارات اجتهادية وقرائن ظنية ؛ أو هي منقولة عن واحد بعد واحد ، حتّى تنتهي إلى الحسّ المباشر ، أو بعضها اجتهاديّة ، وبعضها الآخر منقولة ، ولا شق رابع.
وعلى جميع التقادير لا حجيّة فيها أصلا ، فإنّها على الأوّل حدسيّة ، وهي غير حجّة في حقّنا ؛ إذ بناء العقلاء القائم على اعتبار قول الثّقة ، إنّما هو في الحسيّات أو ما يقرب منها دون الحدسيّات البعيدة ، وعلى الثّاني يصبح معظم التّوثيقات مرسلة ، لعدم ذكر ناقلي التّوثيق والجرح في كتب الرجال غالبا.
والمرسلات لا اعتبار بها ، نعم ، عدّة من التّوثيقات منقولة مسندة كما في رجال الكشي رحمهالله ، وهذا ممّا لا شك في حجيّتها واعتبارها إذا كانت الأسناد معتبرة.
والحاصل : أنّ حال هذه التّوثيقات حال الرّوايات المرسلة ، فكما إذا قال الشّيخ الطوسي قدسسره قال الصّادق عليهالسلام كذا وكذا ، ولم ينقل سنده لا نقبله ، كذا إذا قال : مسعدة بن صدقة من أصحاب الصّادق عليهالسلام ثقة ، فإنّ الحال فيهما واحد ، فكيف يقبل الثّاني ولا يقبل الأوّل؟
وكنّا نسأل سيّدنا الأستاذ الخوئي رحمهالله أيّام تتلمذنا عليه في النّجف الأشرف عن هذا ، ولم يكن عنده جواب مقنع ، وكان يقول إذا طبع كتابي في الرجال تجد جوابك فيه ، ولمّا