البحث العاشر
حول عدالة صحابة النّبي الأعظم صلىاللهعليهوآله
هل أصحاب النّبيّ الخاتم صلىاللهعليهوآله كلّهم عدول أتقياء بررة ـ لم يطرأ على أحد منهم فسق وفجور طول حياته فضلا عن الارتداد والكفر؟ أم أنّ المعظم كذلك؟ وربّما مال بعضهم إلى بعض المعاصي ، لكن الأصل فيهم هو العدالة فلا يعدل عنه إلّا بدليل قاطع ، أو أنّ حالهم حال سائر النّاس في إثبات عدالتهم ووثاقتهم؟
فيه بحث طويل ونزاع عريق بين الشّيعة وأهل السّنة ، ونحن لا نستوفي البحث فيه من جميع الجهات ، بل نذكره مختصرا.
ويمكن أن نستدلّ على أصالة العدالة بوجوة :
الأوّل : قوله تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ...)(١) فهؤلآء المؤمنون ـ وهم ألف وأربع مائة إنسان كما قال ابن حجر ـ لا يكذبون على الله ورسوله صلىاللهعليهوآله ، بل لا يذنبون فهم عدول.
أقول : لكن يمكن أن يرد على الاستدلال :
أوّلا : بأخصّية الدّليل من المدعي فإنّ الصّحابة عندهم أكثر من مائة ألف.
وثانيا : بأنّ المرضيّين ليسوا مطلق المبايعين ، بل المؤمنين المبايعين ، فلا بدّ من إحراز إيمان من يراد تعديله بهذه الآية أوّلا ، فإنّ الله أخبر في قرآنه بوجود المنافقين في الصحابة ، وأخبر بقوله : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا ...) بأنّ الإيمان غير الإسلام.
__________________
(١) الفتح : ١٨.