عاشرت في الناس رجلا أرق من سفيان الثوري ، وكنت أرمقه في الليلة بعد الليلة ينهض مذعورا ينادي ، النار النار ، شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات.
أخبرنا أبو سعيد محمّد بن موسى الصّيرفيّ ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم ، حدّثنا العبّاس بن محمّد الدوري قال : حدّثنا قبيصة. قال : ما جلست مع سفيان مجلسا إلا ذكرت الموت ، وما رأيت أحدا كان أكثر ذكرا للموت منه.
أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، حدّثني أبو سعيد الأشج ، حدّثنا أبو خالد قال : أكل سفيان ليلة فشبع. فقال : إن الحمار إذا زيد في علفه زيد في عمله ، فقام حتى أصبح.
أخبرني عليّ بن أحمد الرّزّاز ، أخبرنا عليّ بن محمّد بن سعيد الموصليّ ، حدّثنا أبو ميمون صغدي بن الموفق السّرّاج ، حدّثنا أحمد بن حنبل ، حدّثنا عبد الرّزّاق قال : قدم علينا الثوري صنعاء ، فطبخت له قدر سكباج فأكل ، ثم أتيته بزبيب الطائف فأكل ، ثم قال : يا عبد الرّزّاق اعلف الحمار وكده ، ثم قام يصلي حتى الصباح.
أخبرنا حمزة بن محمّد بن طاهر الدّقّاق ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا عبد الله ابن محمّد البغويّ ، حدّثنا عبد الله بن عمر الكوفيّ قال : سمعت أبا أسامة قال : اشتكى سفيان بن سعيد ، فذهبت بمائه في قارورة فأريته الديراني ، فنظر إليه فقال : بول من هذا؟ ينبغي أن يكون هذا بول راهب ، هذا رجل قد فتت الحزن كبده ، ما لهذا دواء.
أخبرنا عليّ بن محمّد بن عبد الله المقرئ الحذّاء ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن سلم ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الخالق أبو بكر المروذي قال : سمعت بعض المشيخة يقول : سمعت أبا داود يقول : قدمت المسجد الحرام فرأيت حلقة نحوا من خمسمائة ـ أقل أو أكثر ـ ورجل في وسطها نائم ، قلت : من هذا؟ قالوا : هذا أمير المؤمنين ، هذا سفيان الثوري ، فرأيت رأسه في حجر زائدة ، ورأيت رجله في حجر سفيان بن عيينة ، ورأيت رجله في حجر زهير ، قلت : ما له؟ قالوا : أصابته مليلة.
وقال أبو بكر المروذي : حدّثنا أبو بكر بن أبي عون قال : سمعت شعيب بن حرب يقول : إني لأحسب يجاء بسفيان الثوري يوم القيامة حجة من الله على هذا الخلق؟ يقال لهم لم تذكروا نبيكم فقد رأيتم سفيان ، ألا اقتديتم به؟