أنتم أبا عبد الله ، ثم جلس فقال : حج عمر بن الخطّاب فأنفق في حجته ستة عشر دينارا ، وأنت حججت فأنفقت في حجتك بيوت الأموال ، فقال : أي شيء تريد؟ أكون مثلك؟ قال : فوق ما أنا فيه ، ودون ما أنت فيه ، فقال وزيره أبو عبيد الله : يا أبا عبد الله قد كانت كتبك تأتينا فننفذها. قال : من هذا؟ قال : أبو عبيد الله وزيري ، قال : احذره فإنه كذاب ، أنا كتبت إليك ، ثم قام فقال له المهديّ : أين أبا عبد الله؟ قال : أعود وكان قد ترك نعله حين قام ، فعاد فأخذها ثم مضى فانتظره المهديّ فلم يعد ، قال : وعدنا أن يعود فلم يعد؟ قيل له إنه قد عاد لأخذ نعله ، فغضب فقال : قد آمن الناس إلّا سفيان الثوري. ويونس بن فروة الزنديق ، قرنه بزنديق. قال : فإنه ليطلب ، وإنه لفي المسجد الحرام فذهب فألقى نفسه بين النساء فجللنه ، قيل له : لم فعلت؟ قال : إنهن أرحم ، ثم خرج إلى البصرة فلم يزل بها حتى مات ، فلما احتضر قال : ما أشد الغربة ، انظروا إليّ هاهنا أحدا من أهل بلادي؟ فنظروا فإذا أفضل رجلين من أهل الكوفة ؛ عبد الرّحمن بن عبد الملك بن الجسر ، والحسن بن عياش أخو أبي بكر ، فأوصى إلى الحسن بن عياش في تركته ، وأوصى إلى عبد الرّحمن بالصلاة عليه ، فلما حضرت الصلاة قالت بنو تميم : يماني يصلي على مصري؟! وكان عبد الرّحمن كنديا ، فقيل لهم أوصى بذلك فخلوا سبيله. وكان أصحاب الحديث يأتونه في مكانه ، فإذا سمع بصاحب حديث بعث إليه ، وكان يقول أنت ـ يعني يا يحيى ـ تريد مثل أبي وائل عن عبد الله ، أين تجد كل وقت هذا ، اذهب إلى الكوفة فجئني بكتبي أحدثك ، قال له يحيى : أنا أختلف إليك وأخاف على دمي ، فكيف أذهب فآتي بكتبك؟ قال : وكان يحيى جبانا جدّا.
أخبرنا حمزة بن محمّد بن طاهر ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا عبد الله بن محمّد البغويّ ، حدّثني أبو سعيد قال : حدّثني عبد الله بن عبد الله ـ وهو ابن الأسود الحارثي ـ قال : خاف سفيان شيئا فطرح كتبه ، فلما آمن أرسل إلىّ وإلى يزيد بن توبة المرهبي ، فجعلنا نخرجها ، فأقول : يا أبا عبد الله وفي الركاز الخمس ، وهو يضحك ، فأخرجنا تسع قمطرات ، كل واحدة إلى هاهنا ـ وأشار إلى أسفل من ثدييه ـ قال : فقلت له اعرض لي كتابا تحدثني به ، فعزل لي كتابا فحدّثني به.
أخبرنا عثمان بن محمّد بن يوسف العلّاف ، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الشّافعيّ ، حدّثنا محمّد بن غالب قال : حدّثني يحيى بن أيّوب ، حدّثنا مبارك بن