منكم بيد رجل فيذهب به إلى الحبس ، لا ينم والله إلا فيه ، قالوا : أجادّ أنت؟ قال : حقّا حتى لا تعودوا برسالة ظالم ، فحبسهم ، وركب موسى بن عيسى في الليل إلى باب الحبس ، ففتح الباب وأخرجهم جميعا ، فلم كان الغد وجلس شريك للقضاء ، جاء السجان فأخبره فدعا بالقمطر فختمها ، ووجه بها إلى منزله ، وقال لغلامه الحقني بثقلي إلى بغداد ، والله ما طلبنا هذا الأمر منهم ، ولكن أكرهونا عليه ، ولقد ضمنوا لنا الإعزاز فيه إذ تقلدناه لهم. ومضوا نحو قنطرة الكوفة إلى بغداد ، وبلغ موسى بن عيسى الخبر فركب في موكبه فلحقه. وجعل يناشده الله ويقول : يا أبا عبد الله تثبت ، انظر إخوانك تحبسهم دع أعواني. قال : نعم! لأنهم مشوا لك في أمر لم يجب عليهم المشي فيه ، ولست ببارح أو يردوا جميعا إلى الحبس ، وإلا مضيت إلى أمير المؤمنين فاستعفيته مما قلدني. وأمر بردهم جميعا إلى الحبس وهو والله واقف مكانه حتى جاءه السجان فقال : قد رجعوا إلى الحبس ، فقال لأعوانه خذوا بلجامه ، قودوه بين يدي جميعا إلى مجلس الحكم ، فمروا به بين يديه حتى أدخل المسجد وجلس مجلس القضاء ثم قال : الجويرية المتظلمة من هذا ، فجاءت فقال : هذا خصمك قد حضر وهو جالس معها بين يديه ، فقال : أولئك يخرجون من الحبس قبل كل شيء ، قال : أما الآن فنعم ، أخرجوهم. قال : ما تقول فيما تدعيه هذه؟ قال : قال : صدقت ، قال : فرد جميع ما أخذ منها ، وتبنى حائطا في وقت واحد سريعا كما هدم ، قال : أفعل ، قال : بقي لك شيء؟ قال : تقول المرأة بيت الفارسيّ ومتاعه ، قال : يقول موسى بن عيسى : ويرد ذلك ، بقي لك شيء تدعينه؟ قالت : لا وجزاك الله خيرا. قال : قومي وزبرها ، ثم وثب من مجلسه فأخذ بيد موسى بن عيسى فأجلسه في مجلسه ثم قال : السلام عليك أيها الأمير ، تأمر بشيء؟ قال : أي شيء آمر؟! وضحك.
أخبرنا القاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد الله الطّبريّ ، حدّثنا المعافى بن زكريّا ، حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباريّ ، حدّثني محمّد بن المرزبان ، حدّثنا أبو بكر العامري ، حدّثنا مصعب بن عبد الله الزبيري ، حدّثني أبي قال : تقدم إلى شريك بن عبد الله وكيل لمؤنسة مع خصم له فجعل يستطيل خصمه إدلالا بموضعه من مؤنسة ، فقال له شريك : كف لا أبا لك ، قال : أتقول لي هذا وأنا وكيل مؤنسة ، فأمر به فصفع عشر صفعات فانصرف ودخل على مؤنسة وشكى ، فكتبت مؤنسة إلى المهديّ فعزل شريكا ، وكان قبل هذا قد دخل شريك على المهديّ فقال له : ما ينبغي أن تقلّد الحكم بين المسلمين قال : ولم؟ قال : لخلافك على الجماعة ، وقولك بالإمامة ، قال : أما