وقال العسكري في التصحيف : أئمة الشعر أربعة امرؤ القيس والنابغة وزهير والأعشى. وفي تاريخ النحويين للمرزباني : قال أبو عمرو : اتفقوا على أن أشعر الشعراء امرؤ القيس والنابغة وزهير والأعشى. فامرؤ القيس من اليمن ، والنابغة وزهير من مضر ، والأعشى من ربيعة. قال : وأشعر الأربعة امرؤ القيس ثم النابغة ثم زهير ثم الاعشى ، ثم بعدهم جرير والفرزدق والأخطل.
وقال يونس : كان علماء البصرة يقدّمون امرأ القيس ، وأهل الكوفة يقدمون الأعشى ، وأهل الحجاز والبادية يقدمون زهيرا والنابغة. وقال ابن سلام (١) : مرّ لبيد بالكوفة في بني نهد (٢) فسألوه : من أشعر الناس؟ قال : الملك الضليّل. قيل : ثم من؟ قال : الغلام القتيل ، يعني طرفة. قيل : ثم من؟ قال : الشيخ أبو عقيل الجليل ، يعني نفسه. وقال الأصمعي : سألت بشارا من أشعر الناس؟ فقال : أجمع أهل البصرة على امرىء القيس وطرفه. وقيل للفرزدق : من أشعر الناس؟ قال : امرؤ القيس اذا ركب ، والنابغة اذا رهب ، وزهير اذا رغب ، والأعشى اذا طرب.
وقد ذكر محمد بن سلام الجمحي (٣) امرأ القيس في الطبقة الأولى من الشعراء الجاهليين. وقال الفرّاء : كان زهير واضح الكلام مكتفية بيوته ، البيت منها بنفسه كاف ، وكان جيد المقاطع ، وكان النابغة جزل الكلام حسن الابتداء والمقطع ، يعرف في شعره قدرته على الشعر ، لم يخالطه ضعف الحداثة. وكان امرؤ القيس شاعرهم الذي علم الناس الشعر والمديح والهجاء بسبقه إياهم ، وكان لطرفة شيء ليس بالكثير وليس كما يذهب اليه بعض الناس لحداثته ، وكان لو منع لبث حتى يكثر معه شعره كان خليقا أن يبلغ المبالغ. وكان الأعشى يضع لسانه من الشعر حيث شاء. وكان الحطيئة نقي الشعر قليل السقط حسن الكلام مستويه. وكان لبيد وابن مقبل يجريان مجرى واحدا في خشونة الكلام وصعوبته ، وليس ذلك بمحمود عند أهل الشعر وأهل العربية ، يشتهونه لكثرة عربيته ، وليس يجود الشعر عند أهله حتى
__________________
(١) الطبقات ٤٥.
(٢) أي في محلة بني نهد ، وهم من قضاعة.
(٣) الطبقات ٤٣ وما بعد.