فغضب جرير وقال أبياتا. ثم وثب وقبل رأس الأعرابي وقال : يا أمير المؤمنين ، جائزتي له ، وكانت كل سنة خمسة عشر ألفا. فقال عبد الملك : وله مثلها مني. أخرجه ابن عساكر في تاريخه بسنده الى الكلبي. وروينا في طبقات الشعراء عن أبي عمرو بن العلاء قال : دخل أعرابي من أهل البادية فقال له عبد الملك بن مروان : ألك بالشعر علم؟ قال : نعم ، قال : أيّ بيت أهجى؟ قال بيت جرير :
أيا أيّها الغيث الّذي شحّ وابله |
|
كأنّك تحكي راحة ابن هشام |
قال : فأي بيت أغزل؟ قال بيت جرير : إن العيون ... البيت ، قال : فأي بيت أنعى؟ قال : بيت جرير :
يا أيّها النّاس لا تبكوا على أحد |
|
بعد الّذي بضمير وافق القدرا |
فقال جرير : يا أمير المؤمنين ، عطائي للأعرابي. فقال عبد الملك : ومثله من مالنا. مات جرير سنة عشر ومائة بعد الفرزدق بشهر. وفي البيان للجاحظ (١) : انما سمي جدّ جرير الخطفي لأبيات قالها :
يرفعن باللّيل ما أسدفا |
|
أعناق جنّان وهاما رجّفا |
وعنقا باقي الرّسيم خيطفا |
أي سريعا كالخطف.
قال (٢) : وقد سمي بشر كثير بما قالوه في شعرهم كالمرقش عمرو بن سعد بن مالك ، غلب عليه مرقش لقوله :
الدّار قفر والرّسوم كما |
|
رقّش في ظهر الأديم قلم |
__________________
(١) البيان والتبيين ١ / ٢٨٣
(٢) البيان والتبيين ١ / ٢٨٨.