الكتاب ونشره بين البرية؟ كي يهتدي به من يحب الهداية والرشاد ، ويتمسك بحقائقه من يطلب الحق والصواب أينما وجد وحصل ، هل نشر معالي أهل البيت الذين مودّتهم أجر الرسالة أمر مزهود فيه لا يبذل في سبيله مال؟ ولا يسعى الموالون في ترويجه بصرف الإمكانيات ونفائس الذخائر؟ أو أن هداية الناس وإرشادهم إلى أئمتهم الذين نجاتهم يتوقف على معرفتهم وتمسكهم بهم أمر غير خطير؟! ومن أجل عدم خطورته زهد المؤمنون عن بذل جهودهم وصرف أموالهم في تحصيله وتحصيل المقدمات الموصلة إليه؟! فإن كان هذا غير خطير فما هو الخطير في الدين وعند المؤمنين؟ وإن كان المال لا يبذل في سبيل دعوة الناس إلى معالي أهل بيت النبوة وفي هداية ارشاد التائهين والمنحرفين عنهم وإرشادهم إلى الحق ففيما يبذل المال؟ وما قدر مال واقتدار لا يبذل في سبيل أهل البيت وهداية الخلق الى الحق والصواب؟
هذه أسئلة الجواب عنها غير هيّن ، والجوّ غير خال عن المعاندين الذين يتشبثون بالكلمات الحقة ويريدون بها الباطل ويسعون وراءه كل السعي والأيام أيامهم وسيطرة الدنيا بيدهم وبيد من هو على شاكلتهم فلنضرب عن جواب هذه الأسئلة صفحا ونحيله إلى آونة أخرى خالية عن المعاندين لأهدافنا أو إلى وقت يكونون عاجزين غير قادرين على معارضتنا والتحرف إلى باطلهم فنقول :
الظروف مهما كانت غير خالية عن عباد صالحين ، والخليقة حيثما وجدوا غير منفكين عن أبرار وأخيار ، والدنيا غير عادمة عن حجج الله تعالى على العباد ، فمن أراد الخير والصلاح فليبدأ بنفسه ويبذل في سبيل الخير والرشاد ما عنده من الإمكانيات الّتي وهبها الله تعالى له ، ثم بعد بذل إمكانياته يستعين بمن هو على نيته وعقيدته ممن أمره الله بالتعاضد والتعاون بهم في قوله تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) وممن أراد الله منهم السباق في ميدان المعالي والخيرات ، وحثهم عليه بقوله الكريم : «فاستبقوا الخيرات» فلو كان أمر أهل الخير والذين يريدون إحقاق الحق وإخماد الباطل على هذا المنوال والمنهاج ـ أي بالبداءة بأنفسهم في طريق الحق ، وبعد العجز أو الكلالة عن التقدم يستعينون بمن ينبغي ويحق أن يستعان به ـ لكان لهم النجاح والظفر أينما كانوا وعلى أيّ عدّة كانوا ، وأما إذا أو كل وأحال كلّ واحد الأمر إلى الآخرين فإنهم فاشلون في أهدافهم متأخرون عن الوصول إلى منوياتهم الصالحة حيثما كانوا وعلى أي كثرة تجمعوا ، وهذا هو الحجر الأساسي والمنهج الأصيل للوصول إلى الأهداف في جميع الأمور فإن الله تعالى عند حسن ظنّ عبده المطيع الباذل طاقته في مرضاته ، وحاشا من مجد الله وكرمه أن يخيب أمل آمل الخير الساعي في سبيل تحقيقه وإشاعته بالعزيمة والصريمة ، ويستحيل عن ساحة لطف الله وعطوفته أن يضيع