عمل عامل من المؤمنين المخلصين من ذكر أو أنثى.
وحالنا وحال هذا الكتاب من الشواهد البارزة لما أشرنا إليه ، أما الكتاب فبما وقع فيه من جهلة الكتاب من الحذف والتصحيف والاختلال الكثير صار بحيث يكون تأليف كتاب يفيد مرماه ـ بل يزيد عليه فيما مؤلّفه ابتغاه ـ أسهل من إصلاحه وإعادته إلى صورته التي سبكه مؤلفه عليها وكساه بها ، فليس السعي وراء أمثال هذا الكتاب إلّا ببعث الله عليه ، وعنايته تعالى بعدم ضياع سعي العاملين المخلصين لديه ، وبإثابتهم على أعمالهم أحسن جزاء العاملين ، وإلا لإبائه تعالى عن نسيان من ذكره وشكره.
وأمّا حالنا فغير خفيّة على من كان له صلة معنا ، أو مع المختلطين بنا من أحبتنا وأصدقائنا ، فإنهم يعرفونني أني أقلّ الخليقة مكنة ، وأعدمهم أعوانا وأنصارا ، ولكن لمّا تركت الخليقة ، وأقبلت على شأني وأداء واجبي من حيث أنه واجب علي ومن وظائفي أبى الله أن ينساني ويحرمني من عواطفه وسوابغ جوده وإحسانه ، فشملني لطفه وساعدني عطفه بأن وفقني للتأليف والتحقيق في مواضيع أساسية عظيمة مع تحرّج أيامنا ، واضطهاد المتشرّعين ، واستيلاء الكفار المستعمرين وعمّالهم على الأجواء والآفاق. وفوق ذلك شمول لطفه ومننه علي بطبع كثير مما ألّفته وحقّقته مع غفلة الأكابر ـ أو تسامحهم ـ عن مساهمتنا ، فإن غفلوا عنّا أو تسامحوا عن معاونتنا فإن ذلك من سوء حظهم ونصيبهم وليس الله بغافل عما يعمل المخلصون ، فإن صرفوا وسعهم عن إعانتنا وبخسوا مروءتهم عن نصرتنا ، فقد نصرنا الله وأعاننا في مشروعنا ببعض عباده المؤمنين ممن سمي عليا ، وجعله الله في سجاياه مخلصا وسريا ، وأعاننا أيضا ببعض آخر من المؤمنين ممن ألقى الله في روعه السعي في مرضاته وبذل النفائس لتأمين مقاصد أوليائه ممن سمي حبيبا ، ولقّب ونسب إلى أفخر لباس أهل الجنة أعنى حريرا.
اللهم فكما ساهمونا في نشر معالي أوليائك ، وشاركونا في ترويج مزايا أمنائك فاحفظهم ومن يلوذ بهم من الفتن ، وقهم السيّئات واجعلهم منها في جنن ، واجعل لهم من الجنّة مكانا عليا ، وألبسهم من كسوتها سندسا وحريرا.
هذه لمحة خاطفة من الاشارة إلى ما مني به الكتاب ومؤلفه.
وأمّا منهجنا في تحقيق هذا الكتاب فالذي اهتممنا به غاية الاهتمام هو جهة اعتبار ما يرويه المصنف فيه ، وصحّة ما يتضمنه الكتاب ويشتمل عليه ، لا جهات الصناعية والصورية ، مثل توثيق مشايخ المصنف إلى أصحاب الكتب والمصادر ، وترجمتهم وبيان حالهم ، فإنّ ذلك أغلبيا غير منتج لنتيجة عملية أو اعتقادية ، مع غلاء الوقت وكثرة المهمات وقلة الوسائل حول تراجم أمثال مشايخ المصنف إلى أرباب المصادر ،