الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨] إذ تسمعه يقول : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) [فصلت : ١٣] قال عياض في «الشفاء» : إن عتبة بن ربيعة لما سمع هذه الآية أمسك بيده على فم النبي صلىاللهعليهوسلم وقال له : ناشدتك الله والرّحم إلّا ما كففت.
عادات القرآن
يحق على المفسر أن يتعرف عادات القرآن من نظمه وكلمه. وقد تعرض بعض السلف لشيء منها ، فعن ابن عباس : كل كأس في القرآن فالمراد بها الخمر ، وذكر ذلك الطبري عن الضحاك أيضا. وفي «صحيح البخاري» في تفسير سورة الأنفال قال ابن عيينة : ما سمى الله مطرا في القرآن إلا عذابا ، وتسميه العرب الغيث كما قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) [الشورى : ٢٨]. وعن ابن عباس أن كل ما جاء من (يا أَيُّهَا النَّاسُ) [البقرة : ٢١] فالمقصود به أهل مكة المشركون.
وقال الجاحظ في «البيان» : «وفي القرآن معان لا تكاد تفترق ، مثل الصلاة والزكاة ، والجوع والخوف ، والجنة والنار ، والرغبة والرهبة ، والمهاجرين والأنصار ، والجن والإنس» قلت : والنفع والضر ، والسماء والأرض.
وذكر صاحب «الكشاف» وفخر الدين الرازي أن من عادة القرآن أنه ما جاء بوعيد إلا أعقبه بوعد ، وما جاء بنذارة إلا أعقبها ببشارة ، ويكون ذلك بأسلوب الاستطراد والاعتراض لمناسبة التضاد ، ورأيت منه قليلا في شعر العرب كقول لبيد :
فاقطع لبانة من تعرّض وصله |
|
فلشرّ واصل خلة صرّامها |
وأحب المجامل بالجزيل وصرمه |
|
باق إذا ظلعت وزاغ قوامها |
وفي الكشاف في تفسير تعالى : (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ) [الصافات : ٥٠ ، ٥١] الآية : «جيء به ماضيا على عادة الله في أخباره». وقال فخر الدين في تفسير قوله تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) من سورة العقود [١٠٩] : «عادة هذا الكتاب الكريم أنه إذا ذكر أنواعا كثيرة من الشرائع والتكاليف أتبعها إما بالإلهيات وإما بشرح أحوال الأنبياء وأحوال القيامة ليصير ذلك مؤكدا لما تقدم ذكره من التكاليف والشرائع».
وقد استقريت بجهدي عادات كثيرة في اصطلاح القرآن سأذكرها في مواضعها ، ومنها أن كلمة هؤلاء إذا لم يرد بعدها عطف بيان يبين المشار إليهم فإنها يراد بها