عمرو بن الحارث الغساني ملك الشام :
وكم جزانا بأيد غير ظالمة |
|
عرفا بعرف وإنكارا بإنكار |
وقال الحارث بن حلزة يمدح الملك عمرو بن هند اللخمي ملك الحيرة :
ملك مقسط وأفضل من يم |
|
شي ومن دون ما لديه القضاء |
وإجراء هذه الأوصاف الجليلة على اسمه تعالى إيماء بأن موصوفها حقيق بالحمد الكامل الذي أعربت عنه جملة (الْحَمْدُ لِلَّهِ) ، لأن تقييد مفاد الكلام بأوصاف متعلّق ذلك المفاد يشعر بمناسبة بين تلك الأوصاف وبين مفاد الكلام مناسبة تفهم من المقام مثل التعليل في مقام هذه الآية.
[٥] (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
إذا أتم الحامد حمد ربه يأخذ في التوجه إليه بإظهار الإخلاص له انتقالا من الإفصاح عن حق الرب إلى إظهار مراعة ما يقتضيه حقه تعالى على عبده من إفراده بالعبادة والاستعانة. فهذا الكلام استئناف ابتدائي.
ومفاتحة العظماء بالتمجيد عند التوجه إليهم قبل أن يخاطبوا طريقة عربية. روى أبو الفرج الأصفهاني عن حسان بن ثابت قال : كنت عند النعمان فنادمته وأكلت معه فبينا أنا على ذلك معه في قبّة إذا رجل يرتجز حولها :
أصمّ أم يسمع ربّ القبة |
|
يا أوهب النّاس لعيس صلبه |
ضرّابة بالمشفر الأذيّه |
|
ذات هباب في يديها خلبه |
في لاحب كأنّه الأطبّه (١) |
فقال النعمان : أليس بأبي أمامة؟ (كنية النابغة) قالوا : بلى ، قال : فأذنوا له فدخل.
والانتقال من أسلوب الحديث بطريق الغائب المبتدإ من قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) إلى
__________________
(١) الهمزة في قوله : أصم للاستفهام المستعمل في التنبيه. والمشغر : آلة الشغار أي الطرد وهو يعني ذنب البعير. والأذبة ـ بكسر الذال المعجمة ـ جمع ذبابة. والخلبة ـ بضم الخاء المعجمة وسكون اللام حلقة من ليف. واللاحب : الطريق وهو متعلق بقوله هباب. والأطبة ـ جمع طباب ـ وهو الشراك يجمع بين الأديمين.