وكون المراد من قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) [مريم : ٧٧] الآية ، العاصي بن وائل السهمي في خصومته بينه وبين خبّاب بن الأرت كما في «صحيح البخاري» في تفسير سورة المدّثر.
قال ابن عباس : مكثت سنين أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما يمنعني إلا مهابته ، ثم سألته فقال هما حفصة وعائشة. ومعنى كون أسباب النزول من مادة التفسير ، أنها تعين على تفسير المراد ، وليس المراد أن لفظ الآية يقصر عليها ، لأن سبب النزول لا يخصص ، قال تقي الدين السبكي : وكما أن سبب النزول لا يخصص ، كذلك خصوص غرض الكلام لا يخصص ، كأن يرد خاص ثم يعقبه عام للمناسبة فلا يقتضي تخصيص العام ، نحو (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء : ١٢٨] وقد يكون المروي في سبب النزول مبيّنا ومؤوّلا لظاهر غير مقصود ، فقد توهم قدامة بن مظعون من قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) [المائدة : ٩٣] فاعتذر بها لعمر بن الخطاب في شرب قدامة خمرا ، روى أن عمر استعمل قدامة بن مظعون على البحرين فقدم الجارود على عمر فقال : إن قدامة شرب فسكر ، فقال عمر من يشهد على ما تقول ، قال الجارود أبو هريرة يشهد على ما أقول وذكر الحديث ، فقال عمر يا قدامة إني جالدك ، قال والله لو شربت كما يقولون ما كان لك أن تجلدني ، قال عمر ولم؟ قال لأن الله يقول : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ) إلخ ، فقال عمر إنك أخطأت التأويل يا قدامة ، إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرم الله. وفي رواية فقال لم تجلدني! بيني وبينك كتاب الله ، فقال عمر وأي كتاب الله تجد أن لا أجلدك؟ قال : إن الله يقول في كتابه : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) إلى آخر الآية فأنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وأحسنوا ، شهدت مع رسول الله بدرا وأحدا والخندق والمشاهد ، فقال عمر ألا تردون عليه قوله! فقال ابن عباس ، إن هؤلاء الآيات أنزلن عذرا للماضين وحجة على الباقين ، فعذر الماضين بأنهم لقوا الله قبل أن تحرم عليهم الخمر ، وحجة على الباقين لأن الله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) [المائدة : ٩٠] ، ثم قرأ إلى آخر الآية الأخرى ، فإن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا وأحسنوا فإن الله قد نهى أن يشرب الخمر ، قال عمر صدقت. الحديث».
وتشمل الآثار إجماع الأمة على تفسير معنى ، إذ لا يكون إلا عن مستند كإجماعهم