أراد وقودا يقع عند الرمي بشدة. وكذلك في الآية لإيراد تمثيل حال المنافقين في إظهار الإيمان بحال طالب الوقود بل هو حال الموقد وقوله :
(فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ).
مفرع على (اسْتَوْقَدَ). و (فَلَمَّا) حرف يدل على وقوع شيء عند وقوع غيره فوقوع جوابها مقارن لوقوع شرطها وذلك معنى قولهم حرف وجود لوجود أي حرف يدل على وجود الجواب لوجود شرطها أي أن يكون جوابها كالمعلول لوجود شرطها سواء كان من ترتب المعلول على العلة أو كان ترتب المسبب العرفي على السبب أم كان ترتب المقارن على مقارنه المهيأ والمقارن الحاصل على سبيل المصادفة وكلها استعمالات واردة في كلام العرب وفي القرآن.
مثال ترتب المعلول على العلة لما تعفنت أخلاطه حمّ ، والمسبب على السبب ، (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) [هود : ٧٧] ، وقول عمرو بن معد يكرب :
لما رأيت نساءنا |
|
يفحصن بالمعزاء شدا |
نازلت كبشهم ولم |
|
أر من نزال الكبش بدا |
ومثال المقارن المهيأ قول امرئ القيس :
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى |
|
بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل |
هصرت بفودي رأسها فتمايلت |
|
عليّ هضيم الكشح ريّا المخلخل |
ومثال المقارن الحاصل اتفاقا (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا ...)(١) [العنكبوت : ٣١] وقوله : (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ) [يوسف : ٦٩] فمن ظن أن لما تؤذن بالسببية اغترارا بقولهم وجود لوجود حملا للّام في عبارتهم على التعليل فقد ارتكب شططا ولم يجد من كلام الأئمة فرطا.
و (أضاء) يجىء متعديا وهو الأصل لأن مجرده ضاء فتكون حينئذ همزته للتعدية كقول أبي الطمحان القيني :
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم |
|
دجى الليل حتى ثقب الجزع ثاقبه |
__________________
(١) في المطبوعة سَلاماً* بدل إِنَّا مُهْلِكُوا وهو خلط بين آيتين.