وفي ذلك شكوك. ولعل الله لم يجعلها سماوات ذات نظام كنظام السيارات السبع فلم يعدها في السماوات أو أن الله إنما عد لنا السماوات التي هي مرتبطة بنظام أرضنا.
وقوله : (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) نتيجة لما ذكره من دلائل القدرة التي لا تصدر إلا من عليم فلذلك قال المتكلمون ، إن القدرة يجري تعلقها على وفق الإرادة ، والإرادة على وفق العلم. وفيه تعريض بالإنكار على كفرهم والتعجيب منه فإن العليم بكل شيء يقبح الكفر به.
وهذه الآية دليل على عموم العلم وقد قال بذلك جميع الملّيّين كما نقله المحقق السلكوتي في «الرسالة الخاقانيّة» وأنكر الفلاسفة علمه بالجزئيات وزعموا أن تعلق العلم بالجزئيات لا يليق بالعلم الإلهي وهو توهم لا داعي إليه.
وقرأ الجمهور هاء «وهو» بالضم على الأصل ، وقرأها قالون وأبو عمرو والكسائي وأبو جعفر بالسكون للتخفيف عند دخول حرف العطف عليه ، والسكون أكثر من الضم في كلامهم وذلك مع الواو والفاء ولام الابتداء ووجهه أن الحروف التي هي على حرف واحد إذا دخلت على الكلمة تنزلت منزلة الجزء منها فصارت الكلمة ثقيلة بدخول ذلك الحرف فيها فخففت بالسكون كما فعلوا ذلك في حركة لام الأمر مع الواو والفاء ، ومما يدل على أن أفصح لغات العرب إسكان الهاء من (هو) إذا دخل عليه حرف ، أنك تجده في الشعر فلا يتزن البيت إلا بقراءة الهاء ساكنة ولا تكاد تجد غير ذلك بحيث لا يمكن دعوى أنه ضرورة.
[٣٠] (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٠))
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً).
عطفت الواو قصة خلق أول البشر على قصة خلق السماوات والأرض انتقالا بهم في الاستدلال على أن الله واحد وعلى بطلان شركهم وتخلصا من ذكر خلق السماوات والأرض إلى خلق النوع الذي هو سلطان الأرض والمتصرف في أحوالها ، ليجمع بين تعدد الأدلة وبين مختلف حوادث تكوين العوالم وأصلها ليعلم المسلمون ما علمه أهل الكتاب من العلم الذي كانوا يباهون به العرب وهو ما في سفر التكوين من التوراة.