فأدركنه يأخذن بالساق والنسا |
|
كما شبرق الولدان ثوب المقدس (١) |
وإما بالاعتقاد كما في الحديث : «لا قدست أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويها» أي لا نزهها الله تعالى وطهرها من الأرجاس الشيطانية.
وفعل قدس يتعدى بنفسه فالإتيان باللام مع مفعوله في الآية لإفادة تأكيد حصول الفعل نحو شكرت لك ونصحت لك وفي الحديث عند ذكر الذي وجد كلبا يلهث من العطش «فأخذ خفه فأدلاه في الركية فسقاه فشكر الله له» أي شكره مبالغة في الشكر لئلا يتوهم ضعف ذلك الشكر من أنه عن عمل حسنة مع دابة فدفع هذا الإيهام بالتأكيد باللام وهذا من أفصح الكلام ، فلا تذهب مع الذين جعلوا قوله : (لَكَ) متعلقا بمحذوف تقديره حامدين أو هو متعلق بنسبح واللام بمعنى لأجلك على معنى حذف مفعول (نُسَبِّحُ) أي نسبح أنفسنا أي ننزهها عن النقائص لأجلك أي لطاعتك فذلك عدول عن فصيح الكلام ، ولك أن تجعل اللام لام التبيين التي سنتعرض لها عند قوله تعالى : (وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) [البقرة : ١٥٢].
فمعنى (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) نحن نعظمك وننزهك والأول بالقول والعمل والثاني باعتقاد صفات الكمال المناسبة للذات العلية ، فلا يتوهم التكرار بين (نسبح) و (نقدس).
وأوثرت الجملة الاسمية في قوله : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ) لإفادة الدلالة على الدوام والثبات أي هو وصفهم الملازم لجبلتهم ، وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي دون حرف النفي يحتمل أن يكون للتخصيص بحاصل ما دلت عليه الجملة الاسمية من الدوام أي نحن الدائمون على التسبيح والتقديس دون هذا المخلوق والأظهر أن التقديم لمجرد التقوى نحو هو يعطي الجزيل.
(قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ).
جواب لكلامهم فهو جار على أسلوب المقاولة في المحاورات كما تقدم ، أي أعلم ما في البشر من صفات الصلاح ومن صفات الفساد.
__________________
(١) شبرق : مزق أي يأخذون من ثوبه تبركا به. وقيل أراد من المقدس الذي رجع من زيارة بيت المقدس.