شمولا ولكنها دفعت عنه الاحتمال. (وكل) اسم دال على الشمول والإحاطة فيما أضيف هو إليه وأكثر ما يجىء مضافا إلى ضمير ما قبله فيعرب توكيدا تابعا لما قبله ويكون أيضا مستقلا بالإعراب إذا لم يقصد التوكيد بل قصدت الإحاطة وهو ملازم للإضافة لفظا أو تقديرا فإذا لم يذكر المضاف إليه عوض عنه التنوين ولكونه ملازما للإضافة يعتبر معرفة بالإضافة فلا تدخل عليه لام التعريف.
وتعليم الله تعالى آدم الأسماء إما بطريقة التلقين بعرض المسمى عليه فإذا أراه لقن اسمه بصوت مخلوق يسمعه فيعلم أن ذلك اللفظ دال على تلك الذات بعلم ضروري ، أو يكون التعليم بإلقاء علم ضروري في نفس آدم بحيث يخطر في ذهنه اسم شيء عند ما يعرض عليه فيضع له اسما بأن ألهمه وضع الأسماء للأشياء ليمكنه أن يفيدها غيره وذلك بأن خلق قوة النطق فيه وجعله قادرا على وضع اللغة كما قال تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) [الرحمن : ٢ ، ٣] وجميع ذلك تعليم إذ التعليم مصدر علّمه إذا جعله ذا علم مثل أدّبه فلا ينحصر في التلقين وإن تبادر فيه عرفا. وأيّا ما كانت كيفية التعليم فقد كان سببا لتفضيل الإنسان على بقية أنواع جنسه بقوة النطق وإحداث الموضوعات اللغوية للتعبير عما في الضمير. وكان ذلك أيضا سببا لتفاضل أفراد الإنسان بعضهم على بعض بما ينشأ عن النطق من استفادة المجهول من المعلوم وهو مبدأ العلوم ، فالإنسان لما خلق ناطقا معبرا عما في ضميره فقد خلق مدركا أي عالما وقد خلق معلما ، وهذا أصل نشأة العلوم والقوانين وتفاريعها لأنك إذا نظرت إلى المعارف كلها وجدتها وضع أسماء لمسميات وتعريف معاني تلك الأسماء وتحديدها لتسهيل إيصال ما يحصل في الذهن إلى ذهن الغير. وكلا الأمرين قد حرمه بقية أنواع الحيوان ، فلذلك لم تتفاضل أفراده إلا تفاضلا ضعيفا بحسن الصورة أو قوة المنفعة أو قلة العجمة بله بقية الأجناس كالنبات والمعدن. وبهذا تعلم أن العبرة في تعليم الله تعالى آدم الأسماء حاصلة سواء كان الذي علّمه إياه أسماء الموجودات يومئذ أو أسماء كل ما سيوجد ، وسواء كان ذلك بلغة واحدة هي التي ابتدأ بها نطق البشر منذ ذلك التعليم أم كان بجميع اللغات التي ستنطق بها ذرياته من الأمم ، وسواء كانت الأسماء أسماء الذوات فقط أو أسماء المعاني والصفات ، وسواء كان المراد من الأسماء الألفاظ الدالة على المعاني أو كل دال على شيء لفظا كان أو غيره من خصائص الأشياء وصفاتها وأفعالها كما تقدم إذ محاولة تحقيق ذلك لا طائل تحته في تفسير القرآن. ولعل كثيرا من المفسرين قد هان عندهم أن يكون تفضيل آدم بتعليم الله متعلقا بمعرفة عدد من الألفاظ الدالة على المعاني الموجودة فراموا تعظيم هذا التعليم