خصال الفضائل الملائكية ، وأن الفساد والحسد والكبر من مذام ذوي العقول.
والقول في إعراب (إذ) كالقول الذي تقدم في تفسير قوله : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة : ٣٠].
وإظهار لفظ الملائكة ولفظ آدم هنا دون الإتيان بضميريهما كما في قوله : (قالُوا سُبْحانَكَ) [البقرة : ٣٢] وقوله : (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ) [البقرة : ٣٣] لتكون القصة المعطوفة معنونة بمثل عنوان القصة المعطوف عليها إشارة إلى جدارة المعطوفة بأن تكون قصة مقصورة غير مندمجة في القصة التي قبلها.
وغير أسلوب إسناد القول إلى الله فأتي به مسندا إلى ضمير العظمة (وَإِذْ قُلْنا) وأتي به في الآية السابقة مسندا إلى رب النبي (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ) [البقرة : ٣٠] للتفنن ولأن القول هنا تضمن أمرا بفعل فيه غضاضة على المأمورين فناسبه إظهار عظمة الآمر ، وأما القول السابق بمجرد إعلام من الله بمراده ليظهر رأيهم ، ولقصد اقتران الاستشارة بمبدإ تكوين الذات الأولى من نوع الإنسان المحتاج إلى التشاور فناسبه الإسناد إلى الموصوف بالربوبية المؤذنة بتدبير شأن المربوبين. وأضيف إلى ضمير أشرف المربوبين وهو النبي صلىاللهعليهوسلم كما تقدم عند قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً).
وحقيقة السجود طأطأة الجسد أو إيقاعه على الأرض بقصد التعظيم لمشاهد بالعيان كالسجود للملك والسيد والسجود للكواكب ، قال تعالى : (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) [يوسف : ١٠٠] ، وقال (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ) [فصلت : ٣٧] وقال الأعشى :
فلما أتانا بعيد الكرى |
|
سجدنا له وخلعنا العمارا |
وقال أيضا :
يراوح من صلوات الملي |
|
ك طورا سجودا وطورا جؤارا |
أو لمشاهد بالتخيل والاستحضار وهو السجود لله ، قال تعالى : (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) [النجم : ٦٢].
والسجود ركن من أركان الصلاة في الإسلام. وأما سجود الملائكة فهو تمثيل لحالة فيهم تدل على تعظيم ، وقد جمع معانيه قوله تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) [النحل : ٤٩]. فكان السجود أول تحية تلقاها البشر عند خلق العالم.