خالد بن زهير وهو ابن أخت أبي ذؤيب الهذلي :
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها |
|
فأول راض سنة من يسيرها |
أي الأجدر والناصر لسنة ، والمعنى ولا تكونوا مقرين للكافرين بكفركم فإنهم إن شاهدوا كفركم كفروا اقتداء بكم وهذا أيضا كناية بالمفرد.
المعنى الخامس : أن يكون المراد الأول بالنسبة إلى الدعوة الثانية وهي الدعوة في المدينة لأن ما بعد الهجرة هو حال ثانية للإسلام ، فيما ظهر الإسلام متميزا مستقلا.
هذا كله مبني على جعل الضمير المجرور بالباء في قوله : (كافِرٍ بِهِ) عائدا على ما (بِما أَنْزَلْتُ) أي القرآن وهو الظاهر لأنه ذكر في مقابل الإيمان به. وقيل إن الضمير عائد على ما معكم وهو التوراة قال ابن عطية : «وعلى هذا القول يجيء (أَوَّلَ كافِرٍ) مستقيما على ظاهره في الأولية» ولا يخفى أن هذا الوجه تكلف لأنه مؤول بأن كفرهم بالقرآن وهو الذي جاء على نحو ما وصفت التوراة وكتب أنبيائهم في بشاراتهم بنبى وكتاب يكونان من بعد موسى فإذا كذبوا بذلك فقد كفروا بصحة ما في التوراة فيفضي إلى الكفر بما معهم.
قال التفتازانيّ : وهذا كله إنما يتم لو كان كفرهم به بمعنى ادعائهم أنه كله كذب وأما إذا كفروا بكونه كلام الله واعتقدوا أن فيه صدقا وكذبا فلا يتم ، ولهذا كان هذا الوجه مرجوحا ، ورده عبد الحكيم بما لا يليق به.
وبهذا كله يتضح أن قوله : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) لا يتوهم منه أن يكون النفي منصبا على القيد بحيث يفيد عدم النهي عن أن يكونوا ثاني كافر أو ثالث كافر بسبب القرينة الظاهرة وأن أول كافر ليس من قبيل الوصف الملازم حتى يستوي في نفي موصوفه أن يذكر الوصف وأن لا يذكر كقول امرئ القيس :
على لاحب لا يهتدى بمناره
وقول ابن أحمر :
ولا ترى الضّبّ بها ينجحر
كما سيأتي في قوله تعالى : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) عقب هذا.
(وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً).
عطف على النهي الذي قبله وهذا النهي موجّه إلى علماء بني إسرائيل وهم القدوة