المشبه أقوى وأعظم لأنها حياة عن عدم بخلاف هاته فالمقصد من التشبيه بيان إمكان المشبه كقول المتنبي :
فإن تفق الأنام وأنت منهم |
|
فإن المسك بعض دم الغزال |
وقوله : (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) من بقية المقول لبني إسرائيل فيتعين أن يقدر وقلنا لهم كذلك يحيي الله الموتى لأن الإشارة لشيء مشاهد لهم وليس هو اعتراضا أريد به مخاطبة الأمة الإسلامية لأنهم لم يشاهدوا ذلك الإحياء حتى يشبه به إحياء الله الموتى.
وقوله : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) رجاء لأن يعقلوا فلم يبلغ الظن بهم مبلغ القطع مع هذه الدلائل كلها.
وقد جرت عادة فقهائنا أن يحتجوا بهذه الآية على مشروعية اعتبار قول المقتول : دمي عند فلان موجبا للقسامة ويجعلون الاحتجاج بها لذلك متفرعا على الاحتجاج بشرع من قبلنا ، وفي ذلك تنبيه على أن محل الاستدلال بهذه الآية على مشروعية ذلك هو أن إحياء الميت لم يقصد منه إلّا سماع قوله فدل على أن قول المقتول كان معتبرا في أمر الدماء. والتوراة قد أجملت أمر الدماء إجمالا شديدا في قصة ذبح البقرة التي قدمناها ، نعم إن الآية لا تدل على وقوع القسامة مع قول المقتول ولكنها تدل على اعتبار قول المقتول سببا من أسباب القصاص ، ولما كان الظن بتلك الشريعة أن لا يقتل أحد بمجرد الدعوى من المطعون تعين أن هنالك شيئا تقوى به الدعوى وهو القسامة.
وقد أورد على احتجاج المالكية بها أن هذا من خوارق العادات وهي لا تفيد أحكاما وأجاب ابن العربي بأن المعجزة في إحياء الميت فلما حيي صار كلامه ككلام سائر الأحياء ، وهو جواب لطيف لكنه غير قاطع.
والخلاف في القضاء بالقسامة إثباتا ونفيا وفي مقدار القضاء بها مبسوط في كتب الفقه وقد تقصاه القرطبي وليس من أغراض الآية.
[٧٤] (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤))
(ثم) هنا للترتيب الرتبي الذي تتهيأ له (ثم) إذا عطفت الجمل ، أي ومع ذلك كله لم