الحجارة لأن الحجارة قد يعتريها التحول عن صلابتها وشدتها بالتفرق والتشقق وهذه القلوب لم تجد فيها محاولة.
وقوله : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ) إلخ تعليل لوجه التفضيل إذ من شأنه أن يستغرب ، وموقع هذه الواو الأولى في قوله : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ) عسير فقيل : هي للحال من الحجارة المقدّرة بعد (أشد) أي أشد من الحجارة قسوة ، أي تفضيل القلوب على الحجارة في القسوة يظهر في هذه الأحوال التي وصفت بها الحجارة ومعنى التقييد أن التفضيل أظهر في هذه الأحوال ، وقيل هي الواو للعطف على قوله : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) قاله التفتازانيّ ، وكأنه يجعل مضمون هذه المعطوفات غير راجع إلى معنى تشبيه القلوب بالحجارة في القساوة بل يجعلها إخبارا عن مزايا فضلت بها الحجارة على قلوب هؤلاء بما يحصل عن هذه الحجارة من منافع في حين تعطّل قلوب هؤلاء من صدور النفع بها ، وقيل : الواو استئنافية وهو تذييل للجملة السابقة وفيه بعد كما صرح به ابن عرفة ، والظاهر أنها الواو الاعتراضية وأن جملة (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ) وما عطف عليها معترضات بين قوله : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ) وبين جملة الحال منها وهي قوله : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
والتوكيد بإنّ للاهتمام بالخبر وهذا الاهتمام يؤذن بالتعليل ووجود حرف العطف قبلها لا يناكد ذلك كما تقدم عند قوله تعالى : (فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ) [البقرة : ٦١].
ومن بديع التخلص تأخّر قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) والتعبير عن التسخّر لأمر التكوين بالخشية ليتم ظهور تفضيل الحجارة على قلوبهم في أحوالها التي نهايتها الامتثال للأمر التكليفي مع تعاصي قلوبهم عن الامتثال للأمر التكليفي ليتأتى الانتقال إلى قوله : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) وقوله : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) [البقرة : ٧٥].
وقد أشارت الآية إلى أن انفجار الماء من الأرض من الصخور منحصر في هذين الحالين وذلك هو ما تقرر في علم الجغرافيا الطبيعية أن الماء النازل على الأرض يخرق الأرض بالتدريج لأن طبع الماء النزول إلى الأسفل جريا على قاعدة الجاذبية فإذا أضغط عليه بثقل نفسه من تكاثره أو بضاغط آخر من أهوية الأرض تطلب الخروج حتى إذا بلغ طبقة صخرية أو صلصالية طفا هناك فالحجر الرملي يشرب الماء والصخور والصلصال لا يخرقها الماء إلا إذا كانت الصخور مركبة من مواد كلسية وكان الماء قد حمل في جريته