عافاه الله وقول امرئ القيس :
فعادى عداء بين ثور ونعجة |
|
دراكا فلم ينضح بماء فيغسل |
وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وحمزة وأبو جعفر وخلف (تُفادُوهُمْ) بفتح الفوقية وإسكان الفاء دون ألف بعد الفاء.
والمحرم الممنوع ومادة حرم في كلام العرب للمنع ، والحرام الممنوع منعا شديدا أو الممنوع منعا من قبل الدين ، ولذلك قالوا : الأشهر الحرم وشهر المحرم.
وقوله : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) استفهام إنكاري توبيخي أي كيف تعمدتم مخالفة التوراة في قتال إخوانكم واتبعتموها في فداء أسراهم ، وسمي الاتباع والإعراض إيمانا وكفرا على طريقة الاستعارة لتشويه المشبه وللإنذار بأن تعمد المخالفة للكتاب قد تفضي بصاحبها إلى الكفر به ، وإنما وقع (فَتُؤْمِنُونَ) في حيز الإنكار تنبيها على أن الجمع بين الأمرين عجيب وهو مؤذن بأنهم كادوا أن يجحدوا تحريم إخراجهم أو لعلهم جحدوا ذلك وجحد ما هو قطعي من الدين مروق من الدين.
والفاء عاطفة على (تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) ، وما عطف عليه ، عطفت الاستفهام أو عطفت مقدرا دل عليه الاستفهام وسيأتي تحقيق ذلك قريبا عند قوله (أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ) [البقرة : ٨٧].
والفاء في قوله : (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ) فصيحة عاطفة على محذوف دل عليه الاستفهام الإنكاري أو عاطفة على نفس الاستفهام لما فيه من التوبيخ. وقال عبد الحكيم : إن الجملة معترضة والاعتراض بالفاء وهذا بعيد معنى ولفظا ، وأما الأول فلأن الاعتراض في آخر الكلام المعبر عنه بالتذييل لا يكون إلا مفيدا لحاصل ما تقدم وغير مفيد حكما جديدا وأما الثاني فلأن اقتران الجملة المعترضة بحرف غير الواو غير معروف في كلامهم.
والخزي بالكسر ذل في النفس طارئ عليها فجأة لإهانة لحقتها أو معرة صدرت منها أو حيلة وغلبة تمشت عليها وهو اسم لما يحصل من ذلك وفعله من باب سمع فمصدره بفتح الخاء ، والمراد بالخزي ما لحق باليهود بعد تلك الحروب من المذلة بإجلاء النضير عن ديارهم وقتل قريظة وفتح خيبر وما قدر لهم من الذل بين الأمم.
وقرأ الجمهور (يردون) و (يعملون) بياء الغيبة ، وقرأ عاصم في رواية عنه (تردون) بتاء