فلما أريد إنذارهم بأن عداوتهم الملائكة تجر إليهم عداوة الله وأعيد ذكر جبريل للتنويه به وعطف عليه ميكائيل لئلا يتوهموا أن محبتهم ميكائيل تكسب المؤمنين عداوته.
وفي ميكائيل لغات إحداها ميكائيل بهمزة بعد الألف وياء بعد الهمزة وبها قرأ الجمهور. الثانية ميكائيل بهمزة بعد الألف وبلا ياء بعد الهمزة وبها قرأ نافع. الثالثة ميكال بدون همز ولا ياء وبها قرأ أبو عمرو وحفص وهي لغة أهل الحجاز.
وقوله : (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) جواب الشرط. والعدو مستعمل في معناه المجازي وهو ما يستلزمه من الانتقام والهلاك وأنه لا يفلته كما قال النابغة :
فإنك كالليل الذي هو مدركي
البيت.
وقوله تعالى : (وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ) [النور : ٣٩] وما ظنك بمن عاداه الله. ولهذا ذكر اسم الجلالة بلفظه الظاهر ولم يقل فإني عدو أو فإنه عدو لما يشعر به الظاهر هنا من القدرة العظيمة على حد قول الخليفة : «أمير المؤمنين يأمر بكذا» حثّا على الامتثال.
والمراد بالكافرين جميع الكافرين وجيء بالعام ليكون دخولهم فيه كإثبات الحكم بالدليل ، وليدل على أن الله عاداهم لكفرهم ، وأن تلك العداوة كفر ، ولتكون الجملة تذييلا لما قبلها.
[٩٩ ـ ١٠١] (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ الْفاسِقُونَ (٩٩) أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٠) وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١))
عطف على قوله : (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) [البقرة : ٩٧] عطف القصة على القصة لذكر كفرهم بالقرآن فهو من أحوالهم. وهاته الجملة جواب لقسم محذوف فعطفها على (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا) من عطف الإنشاء على الإنشاء وفيه زيادة إبطال لقولهم : (نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا) [البقرة : ٩١].
وفي الانتقال إلى خطاب النبي صلىاللهعليهوسلم إقبال عليه وتسلية له عما لقي منهم وأن ما أنزل