(يَتَعَلَّمُونَ) مع حرف العطف لأجل ما وقع من الفصل بالجملة المعترضة.
(وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
عطف على قوله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) أي اتبعوا ذلك كله وهم قد علموا إلخ والضمير لليهود تبعا لضمير (وَاتَّبَعُوا) ، أو الواو للحال أي في حال أنهم تحقق علمهم. واللام في (لَقَدْ عَلِمُوا) يجوز أن تكون لام القسم وهي اللام التي من شأنها أن تدخل على جواب القسم لربطه بالقسم ثم يحذفون القسم كثيرا استغناء لدلالة الجواب عليه دلالة التزامية لأنه لا ينتظم جواب بدون مجاب. ويجوز أن تكون لام الابتداء ، وهي لام تفيد تأكيد القسم ويكثر دخولها في صدر الكلام فلذلك قيل لها لام الابتداء والاحتمالان حاصلان في كل كلام صالح للقسم وليس فيه قسم فإن حذف لفظ القسم مشعر في المقام الخطابي بأن المتكلم غير حريص على مزيد التأكيد كما كان ذكر إن وحدها في تأكيد الجملة الاسمية أضعف تأكيدا من الجمع بينها وبين لام الابتداء لأنهما أداتا تأكيد. قال الرضى إن مواقع لام القسم في نظر الجمهور هي كلها لامات الابتداء. والكوفيون لا يثبتون لام الابتداء ويحملون مواقعها على معنى القسم المحذوف والخلاف في هذا متقارب.
واللام في قوله : (لَمَنِ اشْتَراهُ) يجوز كونها لام قسم أيضا تأكيدا للمعلوم أي علموا تحقيق أنه لا خلاق لمشتري السحر ويجوز كونها لام ابتداء والاشتراء هو اكتساب شيء ببذل غيره فالمعنى أنهم اكتسبوه ببذل إيمانهم المعبر عنه فيما يأتي بقوله أنفسهم.
والخلاق الحظ من الخير خاصة. ففي الحديث : «إنما يلبس هذا من لا خلاق له» وقال البعيث بن حريث :
ولست وإن قربت يوما ببائع |
|
خلاقي ولا ديني ابتغاء التحبب |
ونفي الخلاق وهو نكرة مع تأكيد النفي بمن الاستغراقية دليل على أن تعاطي هذا السحر جرم كفر أو دونه فلذلك لم يكن لمتعاطيه حظ من الخير في الآخرة وإذا انتفى كل حظ من الخير ثبت الشر كله لأن الراحة من الشر خير وهي حالة الكفاف وقد تمناها الفضلاء أو دونه خشية من الله تعالى.
قوله : (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) عطف على (وَلَقَدْ عَلِمُوا) عطف الإنشاء على