وأول الحكم على وجهه |
|
ليس قضاء بالهوى الجائر |
ووجوه الناس أشرافهم ويجوز أن يكون (أسلم) بمعنى أخلص مشتقا من السلامة أي جعله سالما ومنه (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ) [الزمر : ٢٩].
وقوله : (وَهُوَ مُحْسِنٌ) جيء به جملة حالية لإظهار أنه لا يغني إسلام القلب وحده ولا العمل بدون إخلاص بل لا نجاة إلا بهما ورحمة الله فوق ذلك إذ لا يخلو امرؤ عن تقصير.
وجمع الضمير في قوله : (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) اعتبارا بعموم (من) كما أفراد الضمير في قوله : (وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) اعتبارا بإفراد اللفظ وهذا من تفنن العربية لدفع سآمة التكرار.
[١١٣] (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣))
معطوف على قوله : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١١١] لزيارة بيان أن المجازفة دأبهم وأن رمي المخالف لهم بأنه ضال شنشنة قديمة فيهم فهم يرمون المخالفين بالضلال لمجرد المخالفة ، فقديما ما رمت اليهود النصارى بالضلال ورمت النصارى اليهود بمثله فلا تعجبوا من حكم كل فريق منهم بأن المسلمين لا يدخلون الجنة ، وفي ذلك إنحاء على أهل الكتاب وتطمين لخواطر المسلمين ودفع الشبهة عن المشركين بأنهم يتخذون من طعن أهل الكتاب في الإسلام حجة لأنفسهم على مناوأته وثباتا على شركهم.
والمراد من القول التصريح بالكلام الدال فهم قد قالوا هذا بالصراحة حين جاء وفد نجران إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفيهم أعيان دينهم من النصارى (١) فلما بلغ مقدمهم اليهود أتوهم
__________________
(١) نجران بفتح النون وسكون الجيم قبيلة من عرب اليمن كانوا ينزلون قرية كبيرة تسمى نجران بين اليمن واليمامة وهم على دين النصرانية ولهم الكعبة اليمانية المشهورة وهي كنيستهم التي ذكرها الأعشى في شعره. وقد وفد وفد منهم على النبي صلىاللهعليهوسلم في ستين رجلا عليهم اثنا عشر نقيبا ورئيسهم السيد وهو عبد المسيح. وأمين الوفد العاقب واسمه الأيهم وكان وفودهم في السنة الثانية من الهجرة.