فعيل بمعنى فاعل.
و (من) في قوله (مِنَ اللهِ) متعلقة بولي لتضمينه معنى مانع من عقابه ويقدر مثله بعد (وَلا نَصِيرٍ) أي نصير من الله.
و (من) في قوله : (مِنْ وَلِيٍ) مؤكدة للنفي. وعطف النصير على الولي احتراس لأن نفي الولي لا يقتضي نفي كل نصير إذ لا يكون لأحد ولي لكونه دخيلا في قبيلة ويكون أنصاره من جيرته. وكان القصد من نفي الولاية التعريض بهم في اعتقادهم أنهم أبناء الله وأحباؤه فنفى ذلك عنهم حيث لم يتبعوا دعوة الإسلام ثم نفى الأعم منه وهذه نكتة عدم الاقتصار على نفي الأعم.
وقد اشتملت جملة (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) إلى آخرها على تحذير من الطمع في استدناء اليهود أو النصارى بشيء من استرضائهم طمعا في إسلامهم بتألف قلوبهم فأكد ذلك التحذير بعشرة مؤكدات وهي القسم المدلول عليه باللام الموطئة للقسم. وتأكيد جملة الجزاء بإنّ وبلام الابتداء في خبرها. واسمية جملة الجزاء وهي (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ). وتأكيد النفي بمن في قوله (مِنْ وَلِيٍ). والإجمال ثم التفصيل بذكر اسم الموصول وتبيينه بقوله (مِنَ الْعِلْمِ). وجعل الذي جاء (أي أنزل إليه) هو العلم كله لعدم الاعتداد بغيره لنقصانه. وتأكيد (مِنْ وَلِيٍ) بعطف (وَلا نَصِيرٍ) الذي هو آيل إلى معناه وإن اختلف مفهومه ، فهو كالتأكيد بالمرادف.
[١٢١] (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٢١))
استئناف ناشئ عن قوله : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى) [البقرة : ١٢٠] مع قوله : (إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) [البقرة : ١٢٠] لتضمنه أن اليهود والنصارى ليسوا يومئذ على شيء من الهدى؟ كأنّ سائلا سأل : كيف وهم متمسكون بشريعة؟ ومن الذي هو على هدى ممن اتّبع هاتين الشريعتين؟ فأجيب بأن الذين أوتوا الكتاب وتلوه حقّ تلاوته هم الذين يؤمنون به.
ويجوز أن يكون اعتراضا في آخر الكلام لبيان حال المؤمنين الصادقين من أهل الكتاب لقصد إبطال اعتقادهم أنهم على التمسك بالإيمان بالكتاب ، وهو ينظر إلى قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ)