الامتثال ومن الغريب أن التوراة لما ذكرت قصة الذبيح وصفته بالابن الوحيد لإبراهيم ولم يكن إسحاق وحيدا قط ، وتوفي إسحاق سنة ثمان وسبعمائة وألف قبل الميلاد ودفن مع أبيه وأمه في مغارة المكفيلة في حبرون (بلد الخليل).
وقوله : (إِلهاً واحِداً) توضيح لصفة الإله الذي يعبدونه فقوله : (إِلهاً) حال من (إِلهَكَ) ووقوع (إلها) حالا من (إلهك) مع أنه مرادف له في لفظه ومعناه إنما هو باعتبار إجراء الوصف عليه بواحدا فالحال في الحقيقة هو ذلك الوصف ، وإنما أعيد لفظ إلها ولم يقتصر على وصف واحدا لزيادة الإيضاح لأن المقام مقام إطناب ففي الإعادة تنويه بالمعاد وتوكيد لما قبله ، وهذا أسلوب من الفصاحة إذ يعاد اللفظ ليبنى عليه وصف أو متعلق ويحصل مع ذلك توكيد اللفظ السابق تبعا ، وليس المقصود من ذلك مجرد التوكيد ومنه قوله تعالى : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) [الفرقان : ٧٢] وقوله : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) [الإسراء : ٧] وقوله : (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) [الشعراء : ١٣٢ ، ١٣٣] إذ أعاد فعل أمدكم وقول الأحوص الأنصاري :
فإذا تزول تزول عن متخمّط |
|
تخشى بوادره على الأقران |
قال ابن جني في «شرح الحماسة» محال أن تقول : إذا قمت قمت لأنه ليس في الثاني غير ما في الأول وإنما جاز أن يقول : فإذا تزول تزول لما اتصل بالفعل الثاني من حرف الجر المفاد منه الفائدة ، ومثله قول الله تعالى : (هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا) [القصص : ٦٣] وقد كان أبو علي امتنع في هذه الآية مما أخذناه غير أن الأمر فيها عندي على ما عرفتك.
وجوز صاحب «الكشاف» أن يكون قوله : (إِلهاً واحِداً) بدلا من (إِلهَكَ) بناء على جواز إبدال النكرة الموصوفة من المعرفة مثل (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) [العلق : ٦٣] ، أو أن يكون منصوبا على الاختصاص بتقدير امدح فإن الاختصاص يجيء من الاسم الظاهر ومن ضمير الغائب.
وقوله : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) جملة في موضع الحال من ضمير (نَعْبُدُ) ، أو معطوفة على جملة (نَعْبُدُ) ، جيء بها اسمية لإفادة ثبات الوصف لهم ودوامه بعد أن أفيد بالجملة الفعلية المعطوف عليها معنى التجدد والاستمرار.
[١٣٤] (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا