آيات القرآن
الآية : هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديرا أو إلحاقا ، فقولي ولو تقديرا لإدخال قوله تعالى : (مُدْهامَّتانِ) [الرحمن : ٦٤] إذ التقدير هما مدهامتان ، ونحو : (وَالْفَجْرِ) [الفجر : ١] إذ التقدير أقسم بالفجر. وقولي أو إلحاقا : لإدخال بعض فواتح السور من الحروف المقطعة فقد عد أكثرها في المصاحف آيات ما عدا : الر ، والمر ، وطس ، وذلك أمر توقيفي وسنة متبعة ولا يظهر فرق بينها وبين غيرها.
وتسمية هذه الأجزاء آيات هو من مبتكرات القرآن ، قال تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) [آل عمران : ٧] وقال : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) [هود : ١]. وإنما سميت آية لأنها دليل على أنها موحى بها من عند الله إلى النبي صلىاللهعليهوسلم لأنها تشتمل على ما هو من الحد الأعلى في بلاغة نظم الكلام ، ولأنها لوقوعها مع غيرها من الآيات جعلت دليلا على أن القرآن منزل من عند الله وليس من تأليف البشر إذ قد تحدّى النبي به أهل الفصاحة والبلاغة من أهل اللسان العربي فعجزوا عن تأليف مثل سورة من سوره. فلذا لا يحق لجمل التوراة والإنجيل أن تسمى آيات إذ ليست فيها هذه الخصوصية في اللغة العبرانية والآرامية ، وأما ما ورد في حديث رجم اليهوديّين اللذين زنيا من قول الراوي : «فوضع الذي نشر التوراة يده على آية الرجم» فذلك تعبير غلب على لسان الراوي على وجه المشاكلة التقديرية تشبيها بجمل القرآن ، إذ لم يجد لها اسما يعبّر به عنها.
وتحديد مقادير الآيات مروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم وقد تختلف الرواية في بعض الآيات وهو محمول على التخيير في حد تلك الآيات التي تختلف فيها الرواية في تعيين منتهاها ومبتدإ ما بعدها ، فكان أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم على علم من تحديد الآيات. قلت وفي الحديث الصحيح أن فاتحة الكتاب السبع المثاني أي السبع الآيات. وفي الحديث : «من قرأ العشر الخواتم من آخر آل عمران» ، وهي الآيات التي أولها : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ) [آل عمران : ١٩] إلى آخر السورة.
وكان المسلمون في عصر النبوءة وما بعده يقدّرون تارة بعض الأوقات بمقدار ما يقرأ القارئ عددا من الآيات كما ورد في حديث سحور النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان بينه وبين طلوع الفجر مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية.
قال أبو بكر ابن العربي : «وتحديد الآية من معضلات القرآن ، فمن آياته طويل