على أن يكون خطأ أو سهوا وهو بين كلمتين مخالفتين إعرابه.
وعن الكسائي أن نصبه عطف على مفاعيل (آتَى) أي وآتى المال الصابرين أي الفقراء المتعففين عن المسألة حين تصيبهم البأساء والضراء والصابرين حين البأس وهم الذين لا يجدون ما ينفقون للغزو ويحبون أن يغزوا ، لأن فيهم غناء عن المسلمين قال تعالى : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) [التوبة : ٩٢].
وعن بعض المتأولين أن نصب (وَالصَّابِرِينَ) وقع خطأ من كتاب المصاحف وأنه مما أراده عثمان رضياللهعنه فيما نقل عنه أنه قال بعد أن قرأ المصحف الذي كتبوه : «إنّي أجد به لحنا ستقيمه العرب بألسنتها» وهذا متقوّل على عثمان ولو صح لكان يريد باللحن ما في رسم المصاحف من إشارات مثل كتابة الألف في صورة الياء إشارة إلى الإمالة ولم يكن اللحن يطلق على الخطأ.
وقرأ يعقوب والصابرون بالرفع عطفا على (وَالْمُوفُونَ).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى)
أعيد الخطاب بيا أيّها الذين آمنوا لأن هذا صنف من التشريع لأحكام ذات بال في صلاح المجتمع الإسلامي واستتباب نظامه وأمنه حين صار المسلمون بعد الهجرة جماعة ذات استقلال بنفسها ومدينتها ، فإن هاته الآيات كانت من أول ما أنزل بالمدينة عام الهجرة كما ذكره المفسرون في سبب نزولها في تفسير قوله تعالى بعد هذا : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) [البقرة : ١٩٠] الآية.
تلك أحكام متتابعة من إصلاح أحوال الأفراد وأحوال المجتمع ، وابتدئ بأحكام القصاص ، لأن أعظم شيء من اختلال الأحوال اختلال حفظ نفوس الأمة ، وقد أفرط العرب في إضاعة هذا الأصل ، يعلم ذلك من له إلمام بتاريخهم وآدابهم وأحوالهم ، فقد بلغ بهم تطرفهم في ذلك إلى وشك الفناء لو طال ذلك فلم يتداركهم الله فيه بنعمة الإسلام ، فكانوا يغير بعضهم على بعض لغنيمة أنعامه وعبيده ونسائه فيدافع المغار عليه وتتلف نفوس بين الفريقين ثم ينشأ عن ذلك طلب الثارات فيسعى كل من قتل له قتيل في