المائة يفطر ويطعم لكل يوم مسكينا خبزا ولحما.
وعلى تفسير الطاقة بالقدرة فالآية تدل على أن الذي يقدر على الصوم له أن يعوضه بالإطعام ، ولما كان هذا الحكم غير مستمر بالإجماع قالوا في حمل الآية عليه : إنها حينئذ تضمنت حكما كان فيه توسعة ورخصة ثم انعقد الإجماع على نسخه ، وذكر أهل الناسخ والمنسوخ أن ذلك فرض في أول الإسلام لما شق عليهم الصوم ثم نسخ بقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة : ١٨٥] ونقل ذلك عن ابن عباس وفي البخاري عن ابن عمر وسلمة بن الأكوع نسختها آية (شَهْرُ رَمَضانَ) [البقرة : ١٨٥] ثم أخرج عن ابن أبي ليلى قال : حدثنا أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم من يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) ، ورويت في ذلك آثار كثيرة عن التابعين وهو الأقرب من عادة الشارع في تدرج تشريع التكاليف التي فيها مشقة على الناس من تغيير معتادهم كما تدرج في تشريع منع الخمر.
ونلحق بالهرم والمرضع والحامل كلّ من تلحقه مشقة أو توقّع ضر مثلهم وذلك يختلف باختلاف الأمزجة واختلاف أزمان الصوم من اعتدال أو شدة برد أو حر ، وباختلاف أعمال الصائم التي يعملها لاكتسابه من الصنائع كالصائغ والحدّاد والحمامي وخدمة الأرض وسير البريد وحمل الأمتعة وتعبيد الطرقات والظّئر.
وقد فسرت الفدية بالإطعام إما بإضافة المبيّن إلى بيانه كما قرأ نافع وابن ذكوان عن ابن عامر وأبو جعفر : (فدية طعام مساكين) ، بإضافة فدية إلى طعام ، وقرأه الباقون بتنوين (فدية) وإبدال (طعام) من (فدية).
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر (مساكين) بصيغة الجمع جمع مسكين ، وقرأه الباقون بصيغة المفرد ، والإجماع على أن الواجب إطعام مسكين ، فقراءة الجمع مبنية على اعتبار جمع الذين يطيقونه من مقابلة الجمع بالجمع مثل ركب الناس دوابهم ، وقراءة الإفراد اعتبار بالواجب على آحاد المفطرين.
والإطعام هو ما يشبع عادة من الطعام المتغذى به في البلد ، وقدره فقهاء المدينة مدّا بمد النبي صلىاللهعليهوسلم من برّ أو شعير أو تمر.
(فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ).
تفريع على قوله : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) إلخ ، والتطوع : السعي في أن يكون