وقرأ الجمهور : (ولتكملوا) بسكون الكاف وتخفيف الميم مضارع أكمل وقرأه أبو بكر عن عاصم ويعقوب بفتح الكاف وتشديد الميم مضارع كمّل.
وقوله : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) عطف على قوله : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) ، وهذا يتضمن تعليلا وهو في معنى علة غير متضمنة لحكمة ولكنها متضمنة لمقصد إرادة الله تعالى وهو أن يكبروه.
والتكبير تفعيل مراد به النسبة والتوصيف أي أن تنسبوا الله إلى الكبر والنسبة هنا نسبة بالقول اللساني ، والكبر هنا كبر معنوي لا جسمي فهو العظمة والجلال والتنزيه عن النقائص كلها ، أي لتصفوا الله بالعظمة ، وذلك بأن تقولوا : الله أكبر ، فالتفعيل هنا مأخوذ من فعّل المنحوت من قول يقوله ، مثل قولهم : بسمل وحمدل وهلّل وقد تقدم عند الكلام على البسملة ، أي لتقولوا : الله أكبر ، وهي جملة تدل على أن الله أعظم من كل عظيم في الواقع كالحكماء والملوك والسادة والقادة ، ومن كل عظيم في الاعتقاد كالآلهة الباطلة ، وإثبات الأعظمية لله في كلمة (الله أكبر) كناية عن وحدانيته بالإلهية ، لأن التفضيل يستلزم نقصان من عداه والناقص غير مستحق للإلهية ، لأن حقيقتها لا تلاقي شيئا من النقص ، ولذلك شرع التكبير في الصلاة لإبطال السجود لغير الله ، وشرع التكبير عند نحر البدن في الحج لإبطال ما كانوا يتقربون به إلى أصنامهم ، وكذلك شرع التكبير عند انتهاء الصيام بهذه الآية ، فمن أجل ذلك مضت السنة بأن يكبر المسلمون عند الخروج إلى صلاة العيد ويكبر الإمام في خطبة العيد.
وفي لفظ التكبير عند انتهاء الصيام خصوصية جليلة وهي أن المشركين كانوا يتزلفون إلى آلهتهم بالأكل والتلطيخ بالدماء ، فكان لقول المسلم : الله أكبر ، إشارة إلى أن الله يعبد بالصوم وأنه متنزه عن ضراوة الأصنام.
وقوله : (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) تعليل آخر وهو أعم من مضمون جملة (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) فإن التكبير تعظيم يتضمن شكرا والشكر أعم ، لأنه يكون بالأقوال التي فيها تعظيم لله تعالى ويكون بفعل القرب من الصدقات في أيام الصيام وأيام الفطر ، ومن مظاهر الشكر لبس أحسن الثياب يوم الفطر.
وقد دلت الآية على الأمر بالتكبير ؛ إذ جعلته مما يريده الله ، وهو غير مفصّل في لفظ التكبير ، ومجمل في وقت التكبير ؛ وعدده ، وقد بينت السنة القولية والفعلية ذلك على اختلاف بين الفقهاء في الأحوال.