الاسمين أصل والآخر طارئ عليه وأن الأصل (عرفات) من العربية القديمة وأن عرفة تخفيف جرى على الألسنة ، ويحتمل أن يكون الأصل (عرفة) وأن عرفات إشباع من لغة بعض القبائل.
وذكر (عرفات) باسمه في القرآن يشير إلى أن الوقوف بعرفة ركن الحج وقال النبيصلىاللهعليهوسلم «الحج عرفة».
سمي الموضع عرفات الذي هو على زنة الجمع بألف وتاء فعاملوه معاملة الجمع بألف وتاء ولم يمنعوه الصرف مع وجود العلمية. وجمع المؤنث لا يمنع من الصرف ؛ لأن الجمع يزيل ما في المفرد من العلمية ؛ إذ الجمع بتقدير مسمّيات بكذا ، فما جمع إلّا بعد قصد تنكيره ، فالتأنيث الذي يمنع الصرف مع العلمية أو الوصفية هو التأنيث بالهاء.
وذكر الإفاضة من (عرفات) يقتضي سبق الوقوف به ؛ لأنه لا إفاضة إلّا بعد الحلول بها ، وذكر (عرفات) باسمه تنويه به يدل على أن الوقوف به ركن فلم يذكر من المناسك باسمه غير عرفة والصفا والمروة ، وفي ذلك دلالة على أنهما من الأركان ، خلافا لأبي حنيفة في الصفا والمروة ، ويؤخذ ركن الإحرام من قوله : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ) [البقرة: ١٩٧] ، وأما طواف الإفاضة فثبت بالسنة وإجماع الفقهاء.
و (من) ابتدائية.
والمعنى فإذا أفضتم خارجين من عرفات إلى المزدلفة.
والتصريح باسم (عرفات) في هذه الآية للرد على قريش ؛ إذ كانوا في الجاهلية يقفون في (جمع) وهو المزدلفة ؛ لأنهم حمس ، فيرون أن الوقوف لا يكون خارج الحرم ، ولما كانت مزدلفة من الحرم كانوا يقفون بها ولا يرضون بالوقوف بعرفة ، لأن عرفة من الحل كما سيأتي ، ولهذا لم يذكر الله تعالى المزدلفة في الإفاضة الثانية باسمها وقال : (مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) لأن المزدلفة هو المكان الذي يفيض منه الناس بعد إفاضة عرفات ، فذلك حوالة على ما يعلمونه.
و (المشعر) اسم مشتق من الشعور أي العلم ، أو من الشّعار أي العلامة ، لأنه أقيمت فيه علامة كالمنار من عهد الجاهلية ، ولعلهم فعلوا ذلك لأنهم يدفعون من عرفات آخر المساء فيدركهم غبس ما بعد الغروب وهم جماعات كثيرة فخشوا أن يضلوا الطريق فيضيق عليهم الوقت.