الثقيلة. والمراد ضلالهم في الجاهلية بعبادة الأصنام وتغيير المناسك وغير ذلك.
(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩))
الذي عليه جمهور المفسرين أن ثم للتراخي الأخباري للترقى في الخبر وأن الإفاضة المأمور بها هنا هي عين الإفاضة المذكورة في قوله تعالى : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) [البقرة : ١٩٨] وأن العطف بثم للعودة إلى الكلام على تلك الإفاضة.
فالمقصود من الأمر هو متعلق (أَفِيضُوا) أي قوله : (مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) إشارة إلى عرفات فيكون متضمنا الأمر بالوقوف بعرفة لا بغيرها إبطالا لعمل قريش الذين كانوا يقفون يوم الحج الأكبر على (قزح) المسمى بجمع وبالمشعر الحرام فهو من المزدلفة وكان سائر العرب وغيرهم يقف بعرفات فيكون المراد بالناس في جمهورهم من عدا قريشا.
عن عائشة أنها قالت : كانت قريش ومن دان دينها يقفون بيوم عرفة في المزدلفة وكانوا يسمون الحمس وكان سائر العرب يقفون بعرفة فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) ا ه فالمخاطب بقوله : (أَفِيضُوا) جميع المسلمين والمراد بالناس عموم الناس يعني من عدا قريشا ومن كان من الحمس الذين كانوا يفيضون من المزدلفة وهم قريش ومن ولدوا وكنانة وأحلافهم.
روى الطبري عن ابن أبي نجيح قال : كانت قريش لا أدري قبل الفيل أم بعده ابتدعت أمر الحمس رأيا قالوا : نحن ولاة البيت وقاطنو مكة فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلنا فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم ـ يعني لأن عرفة من الحل ـ فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمكم وقالوا : قد عظموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم فلذلك تركوا الوقوف بعرفة والإفاضة منها وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك ا ه ، يعني فكانوا لا يفيضون إلّا إفاضة واحدة بأن ينتظروا الحجيج حتى يردوا من عرفة إلى مزدلفة فيجتمع الناس كلهم في مزدلفة ولعل هذا وجه تسمية مزدلفة بجمع ، لأنها يجمع بها الحمس وغيرهم في الإفاضة فتكون الآية قد ردت على قريش الاقتصار على الوقوف بمزدلفة.