أتقرأ القرآن؟ قال لا قلت من أين علمت؟ قال يا هذا عزّ فحكم فقطع ولو غفر ورحم لما قطع.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠))
إن كان الإضمار جاريا على مقتضى الظاهر فضمير (يَنْظُرُونَ) راجع إلى معاد مذكور قبله ، وهو إما (مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) [البقرة : ٢٠٤] ، وإما إلى (مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) [البقرة : ٢٠٧] ، أو إلى كليهما لأن الفريقين ينتظرون يوم الجزاء ، فأحد الفريقين ينتظره شكا في الوعيد بالعذاب ، والفريق الآخر ينتظره انتظار الراجي للثواب. ونظيره قوله : (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) [يونس : ١٠٢] فانتظارهم أيام الذين خلوا انتظار توقع سوء انتظار النبي معهم انتظار تصديق وعيده.
وإن كان الإضمار جاريا على خلاف مقتضى الظاهر فهو راجع إلى المخاطبين بقوله (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ) [البقرة : ٢٠٨] وما بعده ، أو إلى الذين زلوا المستفاد من قوله : (فَإِنْ زَلَلْتُمْ) [البقرة : ٢٠٩] ، وهو حينئذ التفات من الخطاب إلى الغيبة ، إما لمجرد تجديد نشاط السامع إن كان راجعا إلى المخاطبين بقوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) [البقرة : ٢٠٨] ، وإما لزيادة نكتة إبعاد المخاطبين بقوله (فَإِنْ زَلَلْتُمْ) عن عز الحضور ، قال القرطبي (هَلْ يَنْظُرُونَ) يعني التاركين الدخول في السلم ، وقال الفخر الضمير لليهود بناء على أنهم المراد من قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ) أي يا أيها الذين آمنوا بالله وبعض رسله وكتبه على أحد الوجوه المتقدمة وعلى أن السلم أريد به الإسلام ، ونكتة الالتفات على هذا القول هي هي.
فإن كان الضمير لمن يعجبك أو له ولمن يشري نفسه ، فالجملة استئناف بياني ، لأن هاتين الحالتين العجيبتين في الخير والشر تثيران سؤال من يسأل عن جزاء كلا الفريقين فيكون قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) جوابا لذلك ، وإن كان الضمير راجعا إلى (الَّذِينَ آمَنُوا) فجملة (هَلْ يَنْظُرُونَ) استئناف للتحريض على الدخول في الإسلام خشية يوم الجزاء أو طمعا في ثوابه وإن كان الضمير للذين زلوا من قوله : (فَإِنْ زَلَلْتُمْ) [البقرة : ٢٠٩] فالجملة بدل اشتمال من مضمون جملة (أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة : ٢٠٩] لأن معناه