يُنْظَرُونَ) [الأنعام : ٨].
والقضاء : الفراغ والإتمام.
والتعريف في (الأمر) إما للجنس مرادا منه الاستغراق أي قضيت الأمور كلها ، وإما للعهد أي أمر هؤلاء أي عقابهم أو الأمر المعهود للناس كلهم وهو الجزاء.
وقوله : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) تذييل جامع لمعنى : (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) والرجوع في الأصل : المآب إلى الموضع الذي خرج منه الراجع ، ويستعمل مجازا في نهاية الشيء وغايته وظهور أثره ، فمنه (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) [الشورى : ٥٣].
ويجيء فعل رجع متعديا ، تقول رجعت زيدا إلى بلده ومصدره الرّجع ، ويستعمل رجع قاصرا تقول : رجع زيد إلى بلده ومصدره الرجوع.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم وأبو جعفر ويعقوب (ترجع) بضم التاء وفتح الجيم على أنه مضارع أرجعه أو مضارع رجعه مبنيا للمفعول أي يرجع الأمور راجعها إلى الله ، وحذف الفاعل على هذا العدم تعين فاعل عرفي لهذا الرجع ، أو حذف لدفع ما يبدو من التنافي بين كون اسم الجلالة فاعلا للرجوع ومفعولا له بحرف إلى ، وقرأه باقي العشرة بالبناء للفاعل من رجع الذي مصدره الرجوع فالأمور فاعل ترجع.
(سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١))
تتنزل هاته الآية من التي قبلها منزلة البرهان على معنى الجملة السابقة ، فإن قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ) [البقرة : ٢١٠] سواء كان خبرا أو وعيدا أو وعدا أم تهكما ، وأيّا ما كان معاد الضمير فيه على الأوجه السابقة قد دل بكل احتمال على تعريض بفرق ذوي غرور وتماد في الكفر وقلة انتفاع بالآيات البينات ، فناسب أن يعقب ذلك بإلفاتهم إلى ما بلغهم من قلة انتفاع بني إسرائيل بما أوتوه من آيات الاهتداء مع قلة غناء الآيات لديهم على كثرتها ، فإنهم عاندوا رسولهم ثم آمنوا به إيمانا ضعيفا ثم بدلوا الدين بعد ذلك تبديلا.
وعلى احتمال أن يكون الضمير في (يَنْظُرُونَ) [البقرة : ٢١٠] لأهل الكتاب : أي بني إسرائيل فالعدول عن الإضمار هنا إلى الإظهار بقوله : (بَنِي إِسْرائِيلَ) لزيادة النداء على فضيحة حالهم ويكون الاستدلال عليهم حينئذ أشد ، أي هم قد رأوا آيات كثيرة فكان