المسلمين اعتقاد وجود الله وانفراده بالخلق والإيمان بالأنبياء ويفرق بيننا وبين النصارى الاعتقاد ببنوة عيسى والإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، ويفرق بيننا وبين اليهود الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم وتصديق عيسى ، فأباح الله تعالى للمسلم أن يتزوج الكتابية ولم يبح تزوج المسلمة من الكتابي اعتدادا بقوة تأثير الرجل على امرأته ، فالمسلم يؤمن بأنبياء الكتابية وبصحة دينها قبل النسخ فيوشك أن يكون ذلك جالبا إياها إلى الإسلام ، لأنها أضعف منه جانبا وأما الكافر فهو لا يؤمن بدين المسلمة ولا برسولها فيوشك أن يجرها إلى دينه ، لذلك السبب وهذا كان يجيب به شيخنا الأستاذ سالم أبو حاجب عن وجه إباحة تزوج الكتابية ومنع تزوج الكتابي المسلمة.
وقوله : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ) الآية أي إن الله يدعو بهذا الدين إلى الجنة فلذلك كانت دعوة المشركين مضادة لدعوة الله تعالى ، والمقصود من هذا تفظيع دعوتهم وأنها خلاف دعوة الله ، والدعاء إلى الجنة والمغفرة دعاء لأسبابهما كما تقدم في قوله : (يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ). والمغفرة هنا مغفرة ما كانوا عليه من الشرك.
وقوله : (بِإِذْنِهِ) الإذن فيه إما بمعنى الأمر كما هو الشائع فيكون بإذنه ظرفا مستقرا حالا من (الجنة) والمغفرة أي حاصلتين بإذنه أي إرادته وتقديره بما بين من طريقهما. ومن المفسرين من حمل الإذن على التيسير والقضاء والباء على أنها ظرف لغو فرأى هذا القيد غير جزيل الفائدة فتأوّل قوله : (وَاللهُ يَدْعُوا) بمعنى وأولياء الله يدعون وهم المؤمنون.
وجملة (وَيُبَيِّنُ) معطوفة على (يَدْعُوا) يعني يدعو إلى الخير مع بيانه وإيضاحه حتى تتلقاه النفوس بمزيد القبول وتمام البصيرة فهذا كقوله : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) [البقرة : ٢١٩] ففيها معنى التذييل وإن كانت واردة بغير صيغته. ولعل مستعملة في مثله مجاز في الحصول القريب.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢))
عطف على جملة : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) [البقرة : ٢٢١] ، بمناسبة أن تحريم نكاح المشركات يؤذن بالتنزه عن أحوال المشركين وكان المشركون لا يقربون نساءهم إذا كنّ حيّضا وكانوا يفرطون في الابتعاد منهن مدة الحيض فناسب تحديد ما يكثر