على اسم مضاف إلى مثل العائد ، وخالف الجمهور في ذلك ، كما في «التسهيل» و «شرحه» ، ولذلك قدروا هنا : (ويذرون أزواجا يتربصن) بعدهم كما قالوا : «السّمن منوان بدرهم» أي منه ، وقيل : التقدير : وأزواج الذين يتوفون منكم إلخ يتربصن ، بناء على أنه حذف لمضاف ، وبذلك قدر في «الكشاف» داعي إليه كما قال التفتازاني ، وقيل التقدير : ومما يتلى عليكم حكم الذين يتوفون منكم ، ونقل ذلك عن سيبويه ، فيكون (يَتَرَبَّصْنَ) : استئنافا ، وكلها تقديرات لا فائدة فيها بعد استقامة المعنى.
وقوله : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) تقدم بيانه عند قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) [البقرة : ٢٢٨].
وتأنيث اسم العدد في قوله : (وَعَشْراً) لمراعاة الليالي ، والمراد : الليالي بأيامها ؛ إذ لا تكون ليلة بلا يوم ولا يوم بلا ليلة ، والعرب تعتبر الليالي في التاريخ والتأجيل ، يقولون : كتب لسبع خلون في شهر كذا ، وربما اعتبروا الأيام كما قال تعالى : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) [البقرة : ١٩٦] وقال : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) [البقرة : ١٨٤] لأن عمل الصيام إنما يظهر في اليوم لا في الليلة.
قال في «الكشاف» : والعرب تجري أحكام التأنيث والتذكير في أسماء الأيام إذا لم تجر على لفظ مذكور ، بالوجهين قال تعالى : (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) [طه : ١٠٣ ـ ١٠٤] فأراد بالعشر : الأيام ومع ذلك جردها من علامة تذكير العدد ، لأن اليوم يعتبر مع ليلته.
وقد جعل الله عدة الوفاة منوطة بالأمد الذي يتحرك في مثله الجنين تحركا بينا ، محافظة على أنساب الأموات ؛ فإنه جعل عدة الطلاق ما يدل على براءة الرحم دلالة ظنية وهو الأقراء على ما تقدم ؛ لأن المطلق يعلم حال مطلقته من طهر وعدمه ، ومن قربانه إياها قبل الطلاق وعدمه ، وكذلك العلوق لا يخفى فلو أنها ادعت عليه نسبا وهو يوقن بانتفائه ، كان له في اللعان مندوحة ، أما الميت فلا يدافع عن نفسه ، فجعلت عدته أمدا مقطوعا بانتفاء الحمل في مثله وهو الأربعة الأشهر والعشرة ، فإن الحمل يكون نطفة أربعين يوما ، ثم علقة أربعين يوما ، ثم مضغة أربعين يوما ، ثم ينفخ فيه الروح ، فما بين استقرار النطفة في الرحم إلى نفخ الروح في الجنين أربعة أشهر ، وإذ قد كان الجنين عقب نفخ الروح فيه يقوى تدريجا ، جعلت العشر الليالي الزائدة على الأربعة الأشهر ، لتحقق تحرك الجنين تحركا بينا ، فإذا مضت هذه المدة حصل اليقين بانتفاء الحمل ؛ إذ لو كان