ثمة حمل لتحرك لا محالة ، وهو يتحرك لأربعة أشهر ، وزيدت عليها العشر احتياطا لاختلاف حركات الأجنة قوة وضعفا ، باختلاف قوى الأمزجة.
وعموم (الَّذِينَ) في صلته وما يتعلق بها من الأزواج ، يقتضي عموم هذا الحكم في المتوفى عنهن ، سواء كن حرائر أم إماء ، وسواء كن حوامل أم غير حوامل ، وسواء كن مدخولا بهن أم غير مدخول بهن ، فأما الإماء فقال جمهور العلماء : إن عدتهن على نصف عدة الحرائر قياسا على تنصيف الحد ، والطلاق ، وعلى تنصيف عدة الطلاق ، ولم يقل بمساواتهن للحرائر ، في عدة الوفاة إلّا الأصم ، وفي رواية عن ابن سيرين إلّا أمهات الأولاد فقالت طائفة : عدتهن مثل الحرائر ، وهو قول سعيد والزهري والحسن والأوزاعي وإسحاق وروي عن عمرو بن العاص ، وقالت طوائف غير ذلك. وإن إجماع فقهاء الإسلام على تنصيف عدة الوفاة في الأمة المتوفى زوجها لمن معضلات المسائل الفقهية ، فبنا أن ننظر إلى حكمة مشروعية عدة الوفاة ، وإلى حكمة مشروعية التنصيف لذي الرق ، فيما نصف له فيه حكم شرعي ، فنرى بمسلك السبر والتقسيم أن عدة الوفاة إما أن تكون لحكمة تحقق النسب أو عدمه ، وإما أن تكون لقصد الإحداد على الزوج ، لما نسخ الإسلام ما كان عليه أهل الجاهلية من الإحداد حولا كاملا ، أبقى لهن ثلث الحول ، كما أبقى للميت حق الوصية بثلث ماله ، وليس لها حكمة غير هذين ؛ إذ ليس فيها ما في عدة الطلاق من حكمة انتظار ندامة المطلق ، وليس هذا الوجه الثاني بصالح للتعليل ، لأنه لا يظن بالشريعة أن تقرر أوهام أهل الجاهلية ، فتبقي منه تراثا سيئا ، ولأنه قد عهد من تصرف الإسلام إبطال تهويل أمر الموت والجزع له ، الذي كان عند الجاهلية عرف ذلك في غير ما موضع من تصرفات الشريعة ، ولأن الفقهاء اتفقوا على أن عدة الحامل من الوفاة وضع حملها ، فلو كانت عدة غير الحامل لقصد استبقاء الحزن لاستوتا في العدة ، فتعين أن حكمة عدة الوفاة هي تحقق الحمل أو عدمه ، فلننقل النظر إلى الأمة نجد فيها وصفين : الإنسانية والرق ، فإذا سلكنا إليهما طريق تخريج المناط ، وجدنا الوصف المناسب لتعليل الاعتداد الذي حكمته تحقق النسب هو وصف الإنسانية ؛ إذ الحمل لا يختلف حاله باختلاف أصناف النساء وأحوالهن الاصطلاحية أما الرق فليس وصفا صالحا للتأثير في هذا الحكم ، وإنما نصفت للعبد أحكام ترجع إلى المناسب التحسيني : كتنصيف الحد لضعف مروءته ، ولتفشي السرقة في العبيد ، فطرد حكم التنصيف لهم في غيره. وتنصيف عدة الأمة في الطلاق الوارد في الحديث ، لعلة الرغبة في مراجعة أمثالها ، فإذا جاء راغب فيها بعد قرءين تزوجت ، ويطرد باب التنصيف أيضا. فالوجه أن تكون عدة