يمسها ، التي قال الله تعالى فيها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) [الأحزاب : ٤٩].
وقد ذكروا حديث بروع بنت واشق الأشجعية ، رواه الترمذي عن معقل بن سنان الأشجعي : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قضى في بروع بنت واشق وقد مات زوجها ، ولم يفرض لها صداقا ، ولم يدخل بها أن لها مثل صداق نسائها ، وعليها العدة ولها الميراث ولم يخالف أحد في وجوب الاعتداد عليها ، وإنما اختلفوا في وجوب مهر المثل لها.
وقوله : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) أي إذا انتهت المدة المعينة بالتربص ، أي إذا بلغن بتربصهن تلك المدة ، وجعل امتداد التربص بلوغا ، على وجه الإطلاق الشائع في قولهم بلغ الأمد ، وأصله اسم البلوغ وهو الوصول ، استعير لإكمال المدة تشبيها للزمان بالطريق الموصلة إلى المقصود. والأجل مدة من الزمن جعلت ظرفا لإيقاع فعل في نهايتها أو في أثنائها تارة.
وضمير (أَجَلَهُنَ) للأزواج اللائي توفي عنهن أزواجهن ، وعرف الأجل بالإضافة إلى ضميرهن دون غير الإضافة من طرق التعريف لما يؤذن به إضافة أجل من كونهن قضين ما عليهن ، فلا تضايقوهن بالزيادة عليه.
وأسند البلوغ إليهن وأضيف الأجل إليهن ، تنبيها على أن مشقة هذا الأجل عليهن. ومعنى الجناح هنا : الحرج ، لإزالة ما عسى أن يكون قد بقي في نفوس الناس من استفظاع تسرع النساء إلى التزوج بعد عدة الوفاة وقبل الحول ، فإن أهل الزوج المتوفى قد يتحرجون من ذلك ، فنفى الله هذا الحرج ، وقال : (فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَ) تغليظا لمن يتحرج من فعل غيره ، كأنه يقول لو كانت المرأة ذات تعلق شديد بعهد زوجها المتوفى ، لكان داعي زيادة تربصها من نفسها ، فإذا لم يكن لها ذلك الداعي ، فلما ذا التحرج مما تفعله في نفسها. ثم بين الله ذلك وقيده بأن يكون من المعروف نهيا للمرأة أن تفعل ما ليس من المعروف شرعا وعادة ، كالإفراط في الحزن المنكر شرعا وعادة ، أو التظاهر بترك التزوج بعد زوجها ، وتغليظا للذين ينكرون على النساء تسرعهن للتزوج بعد العدة ، أو بعد وضع الحمل ، كما فعلت سبيعة أي فإن ذلك من المعروف.
وقد دل مفهوم الشرط في قوله : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) على أنهن في مدة الأجل منهيات عن أفعال في أنفسهن كالتزوج وما يتقدمه من الخطبة والتزين ، فأما التزوج في العدة فقد اتفق المسلمون على منعه ، وسيأتي تفصيل القول فيه عند قوله تعالى : (وَلا