ظاهر ، لأن وقتها بين الليل والنهار ، فالظهر والعصر نهاريتان ، والمغرب والعشاء ليليتان ، والصبح وقت متردد بين الوقتين ، حتى إن الشرع عامل نافلته معاملة نوافل النهار فشرع فيها الإسرار ، وفريضته معاملة فرائض الليل فشرع فيها الجهر.
ومن جهة الوصاية بالمحافظة عليها ، هي أجدر الصلوات بذلك لأنها الصلاة التي تكثر المثبطات عنها ، باختلاف الأقاليم والعصور والأمم ، بخلاف غيرها فقد تشق إحدى الصلوات الأخرى على طائفة دون أخرى ، بحسب الأحوال والأقاليم والفصول.
ومن الناس من ذهب إلى أن الصلاة الوسطى قصد إخفاؤها ليحافظ الناس على جميع الصلوات ، وهذا قول باطل ؛ لأن الله تعالى عرّفها باللام ووصفها فكيف يكون مجموع هذين المعرفين غير مفهوم وأما قياس ذلك على ساعة الجمعة وليلة القدر ففاسد ، لأن كليهما قد ذكر بطريق الإبهام وصحت الآثار بأنها غير معينة. هذا خلاصة ما يعرض هنا في تفسير الآية.
وقوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) أمر بالقيام في الصلاة بخضوع ، فالقيام الوقوف ، وهو ركن في الصلاة فلا يترك إلا لعذر ، وأما القنوت : فهو الخضوع والخشوع قال تعالى : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) [التحريم : ١٢] وقال : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً) [النحل : ١٢٠] وسمي به الدعاء المخصوص الذي يدعى به في صلاة الصبح أو في صلاة المغرب ، على خلاف بينهم ، وهو هنا محمول على الخضوع والخشوع ، وفي الصحيح عن ابن مسعود «كنا نسلم على رسول الله وهو يصلي فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا وقال : إن في الصلاة لشغلا» وعن زيد بن أرقم : كان الرجل يكلم الرجل إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فأمرنا بالسكوت. فليس (قانِتِينَ) هنا بمعنى قارئين دعاء القنوت ، لأن ذلك الدعاء إنما سمي قنوتا استرواحا من هذه الآية عند الذين فسروا الوسطى بصلاة الصبح كما في حديث أنس «دعا النبي على رعل وذكوان في صلاة الغداة شهرا وذلك بدء القنوت وما كنا نقنت».
(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩))
تفريع على قوله : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) [البقرة : ٢٣٨] للتنبيه على أن حالة الخوف لا تكون عذرا في ترك المحافظة على الصلوات ، ولكنها عذر في ترك القيام لله قانتين ، فأفاد