له النبي صلىاللهعليهوسلم «صدقك وذلك شيطان» ، وأخرج مسلم عن أبي ابن كعب أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ـ قلت ـ الله لا إله إلّا هو الحيّ القيوم ، فضرب في صدري وقال : والله ليهنك العلم أبا المنذر». وروى النسائي : «من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلّا الموت» ، وفيها فضائل كثيرة مجرّبة للتأمين على النفس والبيت.
(لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦))
استئناف بياني ناشئ عن الأمر بالقتال في سبيل الله في قوله : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة : ٢٤٤] إذ يبدو للسامع أن القتال لأجل دخول العدو في الإسلام فبيّن في هذه الآية أنه لا إكراه على الدخول في الإسلام وسيأتي الكلام على أنّها محكمة أو منسوخة.
وتعقيب آية الكرسي بهاته الآية بمناسبة أنّ ما اشتملت عليه الآية السابقة من دلائل الوحدانية وعظمة الخالق وتنزيهه عن شوائب ما كفرت به الأمم ، من شأنه أن يسوق ذوي العقول إلى قبول هذا الدين الواضح العقيدة ، المستقيم الشريعة ، باختيارهم دون جبر ولا إكراه ، ومن شأنه أن يجعل دوامهم على الشرك بمحل السؤال : أيتركون عليه أم يكرهون على الإسلام ، فكانت الجملة استئنافا بيانيا.
والإكراه الحمل على فعل مكروه ، فالهمزة فيه للجعل ، أي جعله ذا كراهية ، ولا يكون ذلك إلّا بتخويف وقوع ما هو أشدّ كراهية من الفعل المدعو إليه.
والدين تقدم بيانه عند قوله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة : ٣] ، وهو هنا مراد به الشرع.
والتعريف في الدين للعهد ، أي دين الإسلام.
ونفي الإكراه خير في معنى النهي ، والمراد نفي أسباب الإكراه في حكم الإسلام ، أي لا تكرهوا أحدا على أتباع الإسلام قسرا ، وجيء بنفي الجنس لقصد العموم نصا. وهي دليل واضح على إبطال الإكراه على الدّين بسائر أنواعه ، لأنّ أمر الإيمان يجري على الاستدلال ، والتمكين من النظر ، وبالاختيار. وقد تقرر في صدر الإسلام قتال المشركين