تفسير التّحرير والتّنوير [ ج ٢ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في تفسير التّحرير والتّنوير

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

هؤلاء الأمم الشرقية إلى اليونان وهذّبت وصحّحت وفرّعت وقسّمت عندهم إلى قسمين : حكمة عملية ، وحكمة نظرية.

فأما الحكمة العملية فهي المتعلّقة بما يصدر من أعمال الناس ، وهي تنحصر في تهذيب النفس ، وتهذيب العائلة ، وتهذيب الأمة.

والأول علم الأخلاق ، وهو التخلّق بصفات العلوّ الإلهيّ بحسب الطاقة البشرية ، فيما يصدر عنه كمال في الإنسان.

والثاني علم تدبير المنزل.

والثالث علم السياسة المدنية والشرعية.

وأما الحكمة النظرية في الباحثة عن الأمور التي تعلّم وليست من الأعمال ، وإنّما تعلم لتمام استقامة الأفهام والأعمال ، وهي ثلاثة علوم :

علم يلقّب بالأسفل وهو الطبيعيّ ، وعلم يلقّب بالأوسط وهو الرياضيّ ، وعلم يلقّب بالأعلى وهو الإلهيّ.

فالطبيعيّ يبحث عن الأمور العامة للتكوين والخواصّ والكون والفساد ، ويندرج تحته حوادث الجوّ وطبقات الأرض والنبات والحيوان والإنسان ، ويندرج فيه الطبّ والكيمياء والنجوم.

والرياضيّ الحساب والهندسة والهيئة والموسيقى ، ويندرج تحته الجبر والمساحة والحيل المتحركة (الماكينية) وجرّ الأثقال.

وأما الإلهيّ فهو خمسة أقسام : معاني الموجودات ، وأصول ومبادئ وهي المنطق ومناقضة الآراء الفاسدة ، وإثبات واجب الوجود وصفاته ، وإثبات الأرواح والمجرّدات ، وإثبات الوحي والرسالة ، وقد بيّن ذلك أبو نصر الفارابي وأبو علي ابن سينا.

فأمّا المتأخّرون ـ من حكماء الغرب ـ فقد قصروا الحكمة في الفلسفة على ما وراء الطبيعة وهو ما يسمّى عند اليونان بالإلهيّات.

والمهمّ من الحكمة في نظر الدين أربعة فصول :

أحدها معرفة الله حق معرفته وهو علم الاعتقاد الحق ، ويسمّى عند اليونان العلم الإلهيّ أو ما وراء الطبيعة.