المجملات التي لا يجوز التمسك بها ، أي بعموميها : عموم البيع وعموم الربا ؛ لأنّه إن كان المراد جنس البيع وجنس الزيادة لزم بيان أيّ بيع وأيّ زيادة ، وإن كان المراد كل بيع وكل زيادة فما من بيع إلّا وفيه زيادة ، فأول الآية أباح جميع البيوع وآخرها حرم الجميع ، فوجب الرجوع إلى بيان الرسول عليهالسلام. والذي حمل الجمهور على اعتبار لفظ الربا مستعملا في معنى جديد أحاديث وردت عن النبي صلىاللهعليهوسلم من قول أو فعل دلت على تفسير الربا بما هو أعم من ربا الجاهلية المعروف عندهم قبل الإسلام ، وأصولها ستة أحاديث :
الحديث الأول حديث أبي سعيد الخدري : «الذهب بالذهب والفضّة بالفضّة والبرّ بالبرّ والشعير بالشعير والتّمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد ، فمن زاد وازداد فقد أربى ، الآخذ والمعطي في ذلك سواء».
الثاني حديث عبادة بن الصامت : «الذهب بالذهب تبرها وعينها والفضّة بالفضّة تبرها وعينها والبرّ بالبرّ مدّا بمدّ والشعير بالشعير مدا بمد والتمر بالتمر مدا بمد والملح بالملح مدا بمد ، فمن زاد واستزاد فقد أربى ، ولا بأس ببيع الذهب بالفضّة والفضّة بالذهب أكثرهما يدا بيد ، وأما النسيئة فلا» رواه أبو داود ، فسمّاه في هذين الحديثين ربا.
الثالث حديث أبي سعيد : أنّ بلالا جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بتمر برنيّ ، فقال له : من أين هذا فقال بلال : تمر كان عندنا رديء فبعت منه صاعين بصاع لطعم النبي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أوّه عين الربا ، لا تفعل ، ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ثم اشتر من هذا» فسمّى التفاضل ربا.
الرابع حديث «الموطأ» و «البخاري» عن ابن سعيد وأبي هريرة أنّ سواد بن غزيّة جاء في خيبر بتمر جنيب فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «أكلّ تمر خيبر هكذا» فقال : «يا رسول الله إنّا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والثلاثة» فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ، ثم ابتع بالدراهم جنيبا».
الخامس حديث عائشة في «صحيح البخاري» : قالت «لما نزلت الآيات من آخر البقرة في الربا قرأها النبي ثم حرّم التجارة في الخمر» فظاهره أنّ تحريم التجارة في الخمر كان عملا بآية النهي عن الربا وليس في تجارة الخمر معنى من معنى الربا المعروف عندهم وإنّما هو بيع فاسد.
السادس حديث الدارقطني ـ ورواه ابن وهب عن مالك ـ أنّ العالية بنت أينع وفدت